الهاجس الانساني عند قادة الشيعة بين الماضي والحاضر

الهاجس الانساني عند قادة الشيعة بين الماضي والحاضر

د. محمد حسين عبود / كلية العلوم الاسلامية – قسم الفقه وأصوله

الحمد لله رب العالمين المنعم على الأولين والآخرين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على محمد وأله الطيبين الطاهرين وأصحابه المخلصين وخلفائهم من الفقهاء والمجتهدين…..

وبعد…….

      فإن القرآن الكريم كتاب الإنسانية الخالد ,الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه,مافتئ يضيئ لبني البشر عب كل زمان ومكان, مخترقا بذلك حدود الزمكان ,ومتجاوزا عقبات الإنتماء والإنتساب ,ليطل على كل الإنسانية بقوانينه وأحكامه .

   من هنا كانت أحكامه ذات بعد إنساني ,فضلا عن بعدها الشرعي,وتحدثنا كتب السير عن السمة الإنسانية المستلهمة من ذلكم الفيض الإلهي المتجسد في القرآن الكريم ,التي تجسدت بشكل سلوك أنساني راق تمثل في تعامل سول الرحمة (صلى الله عليه وآله)وخليفته أمير المؤمنين(عليهم السلام) مع غير المسلمين ,فضلا عن المسلمين,من غير فرق بين أن يكون ذلك في حال السلم أو حال الحرب.

   ولقد كانت سيرة سيد الأوصياء (عليه السلام) حاكية عن تلكم الخصال الإنسانية العالية التي كان يتعامل بها مع أعداء الإسلام ,من الرحمة والعفو والصفح والتسامح ,وغيرها من الصفات التي منحت العدل ووهبت الرحمة ونشرت الإنسانية في أرجاء المعمورة, مع أنهم كان منهم الخارجون والمارقون والقاسطون, ممن قويت شوكتهم وعلا سنامهم في زمنه( عليه السلام) ؛ بسبب تقاعس الأمة عن أداء دورها في نصرة الحق وخذلان الباطل.

غير أن ذلك لم يكن ليمنعه(عليه السلام) من الإنصاف معهم والعدل مع أمثالهم,ومعاملتهم بإنسانية سامية, سجلت أرقى الصور في صفحات التاريخ, ولم يكن ليثمر في نفوسهم ,فيوقف طغيانهم وعدوانهم, وقد استلهم مراجع الامامية وفقهائهم من تلك الصور ماجسدوه في تفعيل الجانب الإنساني ,وتبني خطاب الإعتدال والرحمة مع أعداء الدين, لاسيما الذين غُرر بهم.

  وما توجيهات السيد السيستاني للمقاتلين ,وهم يخوضون حربا ضروسا ضد التكفريين والإرهابيين ,إلا مثالا حيا وأنموذجا ميدانيا على النزعة الإنسانية التي نزعت اليها التوجيهات وفزعت اليها القلوب الحية.

  أن تلكم التوجيهات تعكس بشكل جلي ,تلك النسمات المحمدية واللطائف العلوية ,التي رسمت خارطة طريق للمجاهدين في سبيل الله ,تُعرب عن سماحة الإسلام وعظمة الشريعة ,في زمن ساد فيه منطق القوة ,وشاعت فيه شريعة الغاب.

   إن توجيهات السيد السيستاني (دام ظله الوارف) قطعت الطريق على خطة التكفريين دعاة الدين وأرباب الفتنة وطلاب التفرقة وبناة التعصب,القائمة على خطف الدين من أهله ,وتقديم أنفسهم على أنهم الناطقون باسم الإسلام والمحامين عن حياظه, وأرجعت الأمور الى نصابها وكان من ثمراتها ,ذلك الحشد المبارك الذي أوقف المد التكفيري الإرهابي, وبدأ بفضل تلك الفتوى المباركة في الدفاع الكفائي, تحرير المحافظات العراقية المغتصبة من سيطرة داعش ,وتقديم النماذج الإنسانية الرائعة للعالم,من التعامل مع أعداء الدين,والمنضمين لكيان داعش الإرهاب من المُغرر بهم .

   والحق إن التوجيهات والنصائح من المرجعية العليل,كانت منهاج عمل وسبيل مبين للمجاهدين,وهم يذودون عن بيضة الإسلام وحمى الشريعة الغراء وحدود الوطن وكرامة الإنسان