من كتاب شرح حكم نهج البلاغة للمؤلف الشيخ عباس القمي
أشرف الغنى ترك المنى
المنى : جمع منيّة بمعنى التمنّي. و ظاهر أنّ ترك المنى يستلزم القناعة و استلزامها للغنى النفسانيّ و عدم الحاجة ظاهر.
احذروا صولة الكريم إذا جاع، و اللّئيم إذا شبع.
يراد بالكريم شريف النفس، ذو الهمّة العليّة، و بجوعه ضميمه، و امتهانه، و شدّة حاجته. و ذلك مستلزم لثوران غضبه و حميّته عند عدم التفات الناس إليه، و شبع اللئيم كناية عن غناه و عدم حاجته.
و ذلك يستلزم تمرّده و أذيّته لمن كان تحت يده، و من يحتاج إليه من الناس، فربما كان جوعه سببا لتغيّر أخلاقه و تجويدها، و نحن شاهدنا ذلك كثيرا.
أولى النّاس بالعفو أقدرهم بالعقوبة[على العقوبة -]
قالت الحكماء: ينبغي للإنسان إذا عاقب من يستحقّ العقوبة، أن
لا يكون سبعا في انتقامه، و أن لا يعاقب حتّى يزول سلطان غضبه، لئلاّ يقدم على ما لا يجوز، و لذلك جرت سنّة السلطان بحبس المجرم حتّى ينظر في جرمه، و يعيد النظر فيه.
و قالوا أيضا: لذّة العفو أطيب من لذّة التشفّي و الانتقام، لأنّ لذّة العفو يشفعها حميد العاقبة، و لذّة الانتقام يتّبعها ألم الندم. و قالوا:
و العقوبة ألأم حالات ذي القدرة و أدناها، و هي طرف من الجزع