من كتاب شرح حكم نهج البلاغة للمؤلف الشيخ عباس القمي
إذا استولى الصّلاح على الزّمان وأهله، ثمّ أساء رجل الظّنّ برجل لم تظهر منه حوبة فقد ظلم، وإذا استولى الفساد على الزّمان وأهله، فأحسن رجل الظّنّ برجل، فقد غرّر. يريد أنّه يتعيّن على العاقل سوء الظنّ حيث الزمان فاسد، ولا ينبغي له سوء الظنّ حيث الزمان صالح. وقد جاء في الخبر النهي عن أن يظنّ المسلم بالمسلم ظنّ السوء، وذلك محمول على المسلم الذي لم تظهر منه حوبة، كما أشار إليه عليه السّلام.
والحوبة: المعصية، وفي بعض النسخ: الخزية، وهي الفضيحة. والخبر هو ما رواه جابر، قال: نظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إلى الكعبة، فقال: مرحباً بك من بيت! ما أعظمك وأعظم حرمتك! والله إنّ المؤمن أعظم حرمة منك عند اللّه عزّ وجلّ، لأنّ اللّه حرّم منك واحدة، ومن المؤمن ثلاثة: دمه وماله وأن يظنّ به ظنّ السوء.
قيل لصوفيّ: ما صناعتك؟ قال: حسن الظنّ باللّه، وسوء الظنّ بالناس.
وكان يقال: ما أحسن حسن الظنّ إلاّ أنّ فيه العجز، وما أقبح سوء الظنّ إلاّ أنّ فيه الحزم.
قال الطغرائي: «و حسن ظنّك بالأيّام معجزة».