بقلم: م.م حسن عبدالهادي رشيد – جامعة كربلاء كلية العلوم الاسلامية
ما الذي يجعلُ البعضَ يتحدثُ أثناءَ النقاشِ عن ما لديهِم من معلوماتٍ على أنَّها يقينٌ لا يشوبهُ أيُّ شكٍّ أو وَهمٍ ؟
هل صادفكَ هكذا نمطٌ من الناسِ؟ إنَّهم يتحدثونَ بثقةٍ عاليةٍ بما سمعوهُ من أخبارِ التلفازِ او المذياعِ ؟!
او بما قرأوهُ على صَفَحاتِ مواقعِ التواصلِ من إحدى الجرائدِ والمجلاتِ الألكترونيةِ : مِن أحداثٍ سياسيةٍ او اجتماعيةٍ او اقتصاديةٍ او عسكريةٍ ، لماذا يا تُرى هؤلاءِ أحدُهُم مؤمنٌ -الى حدِّ اليقينِ – بما تذكرهُ تلكَ الفضائياتُ ووسائلُ الإعلام ؟ ، : إنَّهُ واقِعٌ تحتَ تأثيرِ ما يُعرفُ بالبرمجةِ الإعلاميةِ وهندسةِ الأفكارِ
فإنَّ للإعلامِ قدرةٌ على قلبِ الأمورِ وتغييرِ الأجواءِ من خلالِ التكنولوجيا المتطورةِ وأساليبِ التعبيرِ وصياغةِ الكلامِ
فيُديرُ الأحداثَ لصالحِ الجهةِ التي يُعبِّئُ لها ويُحرِّكُ مشاعرَ الجمهورِ ويدفعُ بهم الى حيثُ يريدُ
بل إنَّ بعضَ تلكَ الجهاتِ تمتلكُ قدرةً إعلاميةً في خداعِ جمهورِها وبرمجةِ أفكارهم والسيطرةِ على قناعاتهم :
فتَقْلِبُ الخيالَ الى حقيقةٍ ، والحقيقةَ الى وَهمٍ ، والوَهمَ الى واقعٍ والكَذِبَ الى صِدقٍ ، والصدقَ والواقعَ الى ادِّعاءٍ وافتراءٍ !!! ، فهذا ما يُطلقُ عليهِ بهندسةِ الجمهورِ او هندسةِ إدراكِ الجمهورِ ؛ وهو برمجةُ الأفكارِ وتعبئةِ العواطفِ عِبرَ الإعلامِ ووسائلهِ المختلفةِ لأجلِ جهةٍ او نظامٍ سياسيٍّ او اجتماعيٍّ او عسكريٍّ او طائفةٍ محددةٍ مستغلينَ عقائدَ الناسِ او توجّهاتِهِم السياسيةِ ، ولهذا بإمكانِكَ أن تتساءلَ هل إنَّ ما تتلقاهُ من معلوماتٍ وتقاريرَ وأخبارٍ عِبرَ تلكَ القنواتِ والفضائياتِ هوَ حقيقيٌ وواقعيٌ أم انَّكَ ضحيةُ الخديعةِ والفبركةِ ؟
لماذا تخسرُ أصدقاءَكَ وأبناءَ دِينكَ لأجلِ أخبارٍ تَمَّ تسويقُها إعلامياً لأغراضٍ طائفيةٍ او سياسيةٍ او فئويةٍ ..توقفْ قليلاً : و تَلقّى الخبرَ على أنَّهُ مجردُ كلامٍ ليسَ واقعاً ، وركزْ على فحواهُ وانظرْ في عواقبهِ : هل إنَّ هذا الخبرَ يزيدُ من فرصِ التسامحِ والمحبةِ والتراحمِ ؟
هل يقوِّي أواصرَ التواصلِ بينَ الشعوبِ ام إنَّ فحواهُ يدفعُ نحوَ سفكِ الدماءِ ويثيرُ الكراهيةَ ؟
أنظرْ في مقاصِدِ الجهاتِ التي تقفُ وراءَ تلكَ الوسائلِ الإعلاميةِ هل تهدفُ الى لمِّ الشتاتِ أم تسعى الى زرعِ بُذورِ الفتنِ وتثيرُ رياحَ الفِرقةِ والتقاطعِ ؟ وكلُّ إنسانٍ لديهِ عقلُهُ يُميّزُ بهِ الصادقَ مِنَ الكاذبِ ، (وصديقُ كُلِّ امرئٍ عقلُهُ وعدوُّهُ جهلُهُ
كما يقولُ سيدُنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ)