رسالة ماجستير
اسم الباحث : عدنان جاسم كريم راضي الطائي
الاختصاص : الشريعة والعلوم الإسلامية
سنة نشر البحث : 2019
تحميل الملف : اضغط هنا لتحميل البحث
الملخص:
الحمد لله الذي أغدق على بوافر نعمه ووفقني لإتمام بحث (التعايش السلمي في مدرسة أهل البيت (عليم السلام) حيث توصلت الى مجموعة من النتائج والتوصيات والتي يندرج أهمها وفق الآتي:
أولاً: النتائج
- سعة مفهوم التعايش السلمي؛ إذ لا يختص بتعامل المسلم مع غيره بل أعم من ذلك كما أنه لا يقف عند حد المستوى النظري فيكون تعلماً بحتا دون أن يكون له أثر على الواقع فعلآ لحاجة الإنسان الضرورية فلا يمكنه أن يؤمّن تمام حاجاته في الحياة بمفرده بل يؤمّنها بمجموع أفعاله وأفعال الآخرين وحينئذ لا بد من إقامة العلاقة والتواصل لأجل التعايش معهم.
- الحقوق التي أكدها النبي (ص) والأئمة (عليهم السلام) يُستكشف منها أنّها تمثل منظومة كاملة للأخلاق والسلوك التي يجب اتباعها في التعامل مع الناس سواء كانوا من الأسرة أم من غيرها كالأصدقاء أوغيرهم؛ لأجل تقوية الروابط والعلاقات المجتمعية؛ مما يعكس صورة حقيقية للتعايش السلمي بين المجتمعات وتمثيل الدين الإسلامي الحنيف.
- الأحكام الفقهية والحقوق وغيرها التي من شأنها الحث على حسن العلاقات المجتمعية عندالالتزام بها – من شأنها أن تجعل المجتمع مجتمعاً متماسكاً متعاطفاً يتبادل اللطف والإحسان ويتعاون على كسب المنافع له ودرء المضار عنه وليستشعر بذلك جميع أفراد المجتمع ويتحملوا مسؤوليتهم في الحياة وأن يجدوا فيما بينهم ومع غيرهم على حسن المعاشرة مع بقية المجتمعات لدفع الضرر وتكميل النظام.
- إن كل التزام أخلاقي بين أفراد المجتمع له قيم عليا تؤثر إيجاباً في البناء المجتمعي وهذا ماأشار إليه أمير المؤمنين(ع) في وعظه للناس فالإنصاف والتعاون وكظم الغيظ وسائل وأدوات للتعايشبين المجتمعات يقابلها الحسد وتمني زوال النعم والحقد للآخرين فإنّها مدعاة للفرقة والشتات فيحرم شرعاً فعلها لما تحدثه من مفسدة كبيرة بين الناس فلا بد من الإعراض عنها وعدم الاهتمام بهاوالانصراف إلى ما فيه وحدة المجتمعات وتكاتفها بغية التعايش السلمي بينها.
- إِنَ اتباع أسلوب مجانية التعليم للجميع وإلزاميته له أثر إيجابي في التعايش السلمي بين المجتمعات الإنسانية؛ إذ يفتح المجال واسعاً أمام الجميع لممارسة حقه في التعليم من دون اعتبار أيفرق من هذه الناحية سواء يتعلق بالديانة أو القومية أو غيرهما مما يكون سبباً للتنوع المجتمعي بل يتساوى فيه الغني والفقيروهذا بحد ذاته يعد باعثاً على التعايش بين جميع مكونات المجتمع وطبقاته.
- الأساليب التي اتبعت في ضمان حقوق الأقليات في المجالات التربوية والتعليمية فضلاً عن حقوقها الأخرى – كالاجتماعية والسياسية – جاءت شعوراً بالمسؤولية من قبل أغلب دول العالم تجاه الأقليات لمعالجة الحالات التي يعتقد أنها تسبب مشكلات حقيقية في المجتمعات التي تضم أقليات؛ذلك لأجل ألا تتصاعد من خلالها إلى حدّ تهدد معه السلم والأمن والاستقرار في البلدان التي تضم أقليات في مجتمعاتها.
- إنّ الحفاظ على الحقوق المجتمعية يعد من أعظم سمات الخير في المجتمعات؛ لأن أداءها ليس ترفاً للإنسان مطلقا بل يجب على الإنسان الالتزام بها ولا سيما ما يترتب عليها بناء المجتمع ومايحقق التعايش بين أفراده أو مع المجتمعات الأخرى لأن الإنسان مدني بالطبع ولا يمكن له أن ينفك عن هذه المدنية وعلاقاته الإنسانية التي ينبغي حفظها والعمل على استمرارها وديمومتها.
- مما يكون مدعاةً للوئام والسلام القضاء على الحقد والبغضاء بين الناس؛ لما لهذا الفعل الحسن ومداراة الآخر من التأثير الإيجابي في نفسه وما يتركه من انطباع جميل فيها عن الخُلّق الإسلامي الأصيل. وبذلك فكل أحكام الشريعة في الحث على المداراة والمعاملة الحسنة تأمر بالتحفظ في كيفية التعايش مع الآخرين في حالات الاختلاف في الدين أو العقيدة بل حتى في حالات العادات والتقاليد فهي آمرة بالمداراة لهم والتعامل معهم بالحسن والتجمّل؛ الذي يبقى المجتمع معه متماسكاً تسوده حالات التوادد والمحبة والسلام.
- إِنْ هنالك علاقة وثيقة بين الحفاظ على المصالح والحقوق العامة للمجتمع وبين تحقيق التعايش السلمي وذلك لأنّ حدوث أي خلل في عدم حفظ حقوق المجتمع ومصالحه العامة سينعكس سلباً على واقع المجتمع فتنحسر حينئذ فرص تحقيق التعايش السلمي في المجتمع الواحد أو المجتمعات المتعددة.وحينئذ لا بِدَ من الالتزام بالحفاظ على الحقوق والمصالح العامة.
- إنّ التمكين الشرعي في المجال (الاقتصادي والمالي) الاجتماعي للإنسان وجواز عمله وكسبه بما يحقق مصالحه التي يسعى إلى الانتفاع منها على وفق تسخير الموارد ومعايير توزيعها في الإسلام – هو لصالح الناس جميعاً تحقيقاً لعمارة الأرض المسؤولية الكبرى التي أوكلت إلى النوع الإنساني دون التقييد بأمة من الأمم أو مجتمع من المجتمعات؛ وذلك لأجل التعايش بين الناس جميعاً بسلم وأمان.
- تتجلى حكمة بعض النظم الاقتصادية عند مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) كالزكاة والخمس من كونهما فرض ووجوب شرعي في الأشياء التي بلغت مقداراً حددته الشريعة تحديداً دقيقاً؛ فإنها مرتبطة بالغنى وسعة المال مع نقصه وحق المحتاجين في المجتمع؛ لتعزز حالة التعاون والتكافل بين الأفراد. فضلاً عمّا في ذلك من أداء شكر نعم الله تعالى والرغبة في الزيادة مع ما فيها من الرأفة والرحمةعلى الضعفاء؛ والعطف على المساكين وذوي الفاقة في المجتمع والحث على المساواة بين جميع الأصناف التي تستحق الزكاة أو الخمس لرفع احتياجهم ودفع فاقتهم وتقوية الفقراء منهم ومعونتهم على أمور الحياة وكل ذلك له تأثير حسن في التعايش السلمي بين المجتمعات والشعوب.
- إِنّ القوانين والتشريعات التي تنظم توزيع الثروة على أفراد الإنسان وبشكل عادل وفي جميع المجتمعات لها آثار مهمة تنعكس على حياة الإنسان هي:
- شعور الإنسان بأن ملكية الثروة للجميع يبدد الخوف من أن الثروة قد ينفرد بها بعض أفرادالمجتمع الإنساني دون بعض وهذا الشعور الحسن يدفع الإنسان إلى التعايش السلمي مع الآخرين.
- التوزيع العادل للثروة وضمان المساواة بين الجميع يعد دافعاً مهما للتعايش السلمي بين أفراد المجتمع والمجتمعات الأخرى.
- السلطة التي تقوم بإدارة الثروة في البلد لا بذ أن تتصف بأعلى مستويات الكفاءة والمهنية واتّباع الأساليب العادلة وعلى وفق القوانين والتشريعات الضامنة لحقوق الجميع؛ لما لذلك من تحقيق الاطمئنان لدى الجميع بأن ثروتهم بأمان وبالتالي ينعكس إيجاباً على التعايش السلمي بين المجتمع.
- إِنّ الإعلام في زماننا الحاضر لا بذ أن يكون وسيلة لخدمة الإنسان والعمل على زيادة وعيه وارشاده إلى ما فيه رفعته وكماله ومساعدته في بناء مجتمع يسوده الود والوثام.
- يجب الرجوع إلى المساحات المشتركة بين الأديان فالمسلمون واليهود والنصارى يرجعون إلى كتبهم: القرآن والتوراة والإنجيل التي يجمعها جامع واحد مقدس عند الجميع وهو كونها كتب سماوية تشترك في غاية واحدة وهي تحقيق سعادة الإنسان وذلك بهدايته وارشاده إلى الحق تلك الغاية التيبُعث الأنبياء لتحقيقها في الأرض.
- إنّ حماية الأديان والمقدسات لا يكاد يخلو القانون الوضعي في العالم من تشريعات تخص حمايتها ومعاقبة مَن يتعد عليها لكن تختلف تلك القوانين إجمالاً وتفصيلاً لتناول القضايا التي تخص الأديان والمقدسات وهذا ما كان واضحاً في القوانين لدى الدول العربية التي تعد الشريعة الإسلامية من أهم مصادر تشريعاتها القانونية إذ تناولت تفصيلات وتفريعات كثيرة كلها تصب في حماية الدين والمقدسات وذلك بخلاف الدول غير العربية التي لم يكن الدين من مصادرها التشريعية فإنها تناولت حمايتها في المواد القانونية مختصراً.
ثانياً: التوصيات
- ضرورة التوعية بأهمية التعايش السلمي بين المجتعات الإنسانية وذلك على المستوى الشرعي الفقهي وعلى المستوى التشريعي القانوني ببيان أحكامه التي تبرز ضرورته في الحياة وبناء المجتمعات الصالحة وفق الاحترام المتبادل والتوادد والتآلف بين أفرادها.
- ضرورة العمل على دعم المشاريع وتشجيعها – على المستويين الفردي والجماعي التي تهدف إلى تعزيز التعايش السلمي بين المجتمعات.
- التزام أفراد المجتمع باستلهام الإرشادات والتوجيهات الشرعية من قبل المرجعيات الدينية ودورالإفتاء في البلاد الإسلامية الرامية إلى تعزيز التعايش السلمي ونبذ التطرف بكل أنواعه.
- تشريع القوانين الوضعية لحماية التنوع المجتمعي بسبب الديانة أو القومية أو العرق أو غيرها والتأكيد على الاحترام المتبادل بين الجميع ورفض الإساءة إلى الآخر.
- ضرورة إنشاء هيئات عليا مستقلة ومؤثرة على مستوى المجتمع الدولي تعمل على تحقيق التعايش السلمي بين المجتمعات في جميع أنحاء العالم.