من كتاب شرح حكم نهج البلاغة للمؤلف الشيخ عباس القمي
الاستغناء عن العذر أعزّ من الصّدق به.
روي: “خير من الصدق.”
و المعنى: لا تفعل شيئًا تعتذر عنه، و إن كنت صادقًا في العذر، فإن الاستغناء عن العذر بعدم فعل ما يعتذر عنه أعزّ عليك و أنفع لك من أن تفعل ثم تعتذر، حتى لو كنت صادقًا.
و يحتمل أن يكون معنى “أعزّ” أي أكثر عزّة لك، إذ الإتيان بالعذر يحتاج إلى ذلّة، كما قيل: “لا يقوم عزّ الغضب بذلّة الاعتذار.”
أقلّ ما يلزمكم للّه سبحانه أن لا تستعينوا بنعمه على معاصيه.
و ذلك أنّ العدل أن تستعينوا بنعمه على طاعته، فإن لم تفعلوا ذلك، فلا أقلّ من أن تستعملوا نعمه في الأمور المباحة دون معصيته،فإنّ ذلك ممّا يعدّ لسخطه، فإنّه من القبيح الفاحش أن ينعم الملك على بعض رعيّته بمال و عبيد و سلاح، فيجعل ذلك المال مادّة لعصيانه و الخروج عليه، ثمّ يحاربه بأولئك العبيد، و بذلك السلاح بعينه.