شرح حكم نهج البلاغة – 36

من كتاب شرح حكم نهج البلاغة للمؤلف الشيخ عباس القمي

إنّ أعظم الحسرات يوم القيامة حسرة رجل كسب مالا في غير طاعة اللّه، فورّثه رجلا [1] فأنفقه في طاعة اللّه سبحانه، فدخل به الجنّة، و دخل الأوّل به النّار (1) -. [2] و يناسب هنا نقل قوله عليه السلام لابنه الحسن عليه السلام: «يا بنيّ، لا تخلّفنّ وراءك شيئا من الدّنيا… » . [3]

إنّ أخسر النّاس صفقة، و أخيبهم سعيا، رجل أخلق بدنه في طلب ماله، و لم تساعده المقادير على إرادته، فخرج من الدّنيا بحسرته، و قدم على الآخرة بتبعته (2) -. [4] هذه حال أكثر الناس، و ذلك لأنّ أكثرهم يكدّ بدنه و نفسه في بلوغ الآمال الدنيويّة، و القليل منهم من تساعده المقادير على إرادته، و إن ساعدته على شي‌ء منها بقي في نفسه ما لا يبلغه، فأكثرهم إذن يخرج من الدّنيا بحسرته، و يقدم على الآخرة بتبعته.

اذكروا انقطاع اللّذّات، و بقاء التّبعات (3) -. [5]

قال الشاعر:

تفنى اللذاذة ممّن نال بغيته # من الحرام، و يبقى الإثم و العار

تبقى عواقب سوء في مغبّتها # لا خير في لذّة من بعدها النّار


[1] في النهج: فورثه رجل.

[2] نهج البلاغة، الحكمة 429.

[3] نهج البلاغة، الحكمة 416.

[4] نهج البلاغة، الحكمة 430.

[5] نهج البلاغة، الحكمة 433.