تهنئة بمناسبة حلول شهر رجب الأصب

تتقدم كلية العلوم الاسلامية متمثلة بعميدها الاستاذ الدكتور محمد حسين عبود الطائي ولجنة إحياء الشعائر الإسلامية والمناسبات الدينية وجميع أساتذتها وموظفيها بأزكى باقات التهاني لصاحب العصر والزمان و مراجعنا العظام والامة الاسلامية جمعاء بمناسبة حلول شهر رجب المتزامنه مع ولادة الامام محمد الباقر (ع):

‏رجبٌ أتىٰ يَزهُو بِنُورٍ زَاهِرِ
‏فاستقبلوهُ بكُلِّ ثَغْرٍ عَاطِرِ ‏.
‏أعني الصلاة على النبي وآلهِ

‏فاليوم ميلاد الإمام الباقرِ:
ولد الإمام محمد الباقر (ع) غرّة رجب سنة (57) هـ بالمدينة المنورة و كان (ع) حاضراً في واقعة الطف و عمره أربع سنين .
أمّهُ الماجدة فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى (ع) و قيل لها أمّ عبد الله، فأصبح (ع) ابن الخيرتين و علوياً بين العلويين.
و ذكرها الصادق (ع) يوماً فقال: كانت صدّيقة لم يدرك في آل الحسن (ع) امرأة مثلها .
إسمه الشريف محمد، و كنيته أبو جعفر، و ألقابه الشريفة الباقر و الشاكر و الهادي ، و أشهر ألقابهُ الباقر، و قد لقّبه رسول اللّه (ص) به كما ورد في رواية سفينة عن جابر بن عبد الله أنّهُ قال : قال رسول اللّه (ص) : يوشك أن تبقى حتى تلقى ولداً لي من الحسين (ع) يقال له : محمد يبقر علم الدين بقراً فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام‏ .
وروى الشيخ الصدوق -رحمه الله – عن عمرو بن شمر قال: سألتُ جابر بن يزيد الجعفي فقلتُ لهُ: و لِمَ سُمّيَ الباقر باقراً ؟
قال: لأنّهُ بَقَرَ العلم بقراً أي شقّهُ شقّاً و أظهرهُ إظهاراً.
و لقد حدّثني جابر بن عبد الله الأنصاري أنّهُ سمع رسول اللّه (ص) يقول : يا جابر إنّك ستبقى حتى تلقى ولدي محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب المعروف في التوراة بباقر، فإذا لقيته فاقرأهُ منّي السلام، فلقيه جابر بن عبد الله الأنصاري في بعض سكك المدينة، فقال له: يا غلام من أنت؟ قال : أنا محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب.
قال له جابر: يا بني أقبِلْ فأقبَلْ، ثم قالَ : أدبِرْ فأدبَرْ، فقال : شمائل رسول الله (ص) و ربّ الكعبة، ثم قال : يا بنيّ رسول اللّه (ص) يُقرِئك السلام، فقال: على رسول الله السلام ما دامت السماوات و الأرض و عليك يا جابر بما بلّغتَ السلام، فقال له جابر : يا باقر، يا باقر، أنت الباقر حقاً أنت الذي تبقر العلم بقراً.
ثم كان جابر يأتيه فيجلس بين يديه فيعلّمهُ، فربّما غلط جابر فيما يحدّث به عن رسول اللّه (ص) فيردّ عليه و يذكره، فيقبل ذلك منه و يرجع إلى قوله، و كان يقول : يا باقر، يا باقر، يا باقر، أشهد بالله أنّك قد أوتيت الحكم صبيّاً .
و في تذكرة سبط ابن الجوزي: إنمّا سمّي الباقر من كثرة سجوده، بقر السجود جبهتهُ، أي فتحها و وسعها، و قيل لغزارةِ علمه‏ .
و قال ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة مع كثرة عناده ونصبه :
أبو جعفر محمد الباقر سمّى بذلك من بقر الأرض أي شقّها و أثار مخبأتها و مكامنها فلذلك هو أظهر من مخبئات كنوز المعارف و حقائق الأحكام و اللطائف ما لا يخفى إلّا على منطمس البصيرة أو فاسد الطويّة و السريرة، و من ثمّ قيل هو باقر العلم و جامعهُ و شاهر علمه و رافعه …إلخ .

حلم الإمام الباقر ( ع ):
كان الحلم من أبرز صفات الإمام أبي جعفر (ع) فقد أجمع المؤرخون على أنه لم يسيء الى من ظلمهِ واعتدى عليه، وإنما كان يقابله بالبر والمعروف، ويعاملَهُ بالصفحِ والإحسان، وقد رووا صوراً كثيرةً عن عظيم حلمهِ، كان منها:
إن رجلاً كتابياً هاجم الإمام(ع) واعتدى عليه، وخاطبه بمرّ القول:
« أنت بقر ! »
فلطف به الإمام، وقابله ببسمات طافحة بالمروءة قائلاً:
« لا أنا باقر»
وراح الرجل الكتابي يهاجم الإمام قائلاً :
« أنت ابن الطبّاخة ! »
فتبسّم الإمام، ولم يثره هذا الاعتداء بل قال له:
« ذاك حرفتها».
ولم ينته الكتابي عن غيّه، وإنما راح يهاجم الإمام قائلاً:
« أنت ابن السوداء الزنجية البذية! »
ولم يغضب الإمام(ع)، وإنما قابله باللطف قائلاً :
« إن كنت صدقت غفر الله لها، وإن كنت كذبت غفر الله لك».
وبهت الكتابي، وانبهر من أخلاق الإمام(ع) التي ضارعت أخلاق الأنبياء. فأعلن إسلامه[1] وأختار طريق الحق.
📚مناقب آل أبي طالب ج3 ص 337
📚بحار الأنوار ج46 ص 289
📚الأنوار البهيّة ص142
📚مستدرك البحار ج2 ص383