تهنئة بمناسبة 2رجب ذكرى ولادة الإمام علي الهادي (عليه السلام) 212هـ

بقلوب يغمرها الحب والولاء ترفع كلية العلوم الاسلامية متمثلة بعميدها الاستاذ الدكتور محمد حسين عبود الطائي ولجنة احياء الشعائر الاسلاميةواساتذتها وموظفيها أسمى آيات التهنئة والتبريكات لمقام مولانا صاحب الزمان(عجل الله تعالى فرجه) ومراجعنا العظام والامة الاسلامية جمعاء بمناسبة ولادة الإمام علي بن محمد الهادي(ع) النقي النور العاشر من أئمة الهدى، ومصابيح الدجى (عليهم السلام).‌سائلين الباري( عز وجل) أن يرزقنا في الدنيا زيارته، وفي الآخرة شفاعته:
هو أبو الحسن علي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب(ع) وهو العاشر من أئمة أهل البيت(ع) و أُمّه أُمّ ولد يقال لها سمانة المغربية وعُرفت بأُمّ الفضل .

 – ولادته ونشأته:
وُلد(ع) للنصف من ذي الحجّة أو ثاني رجب سنة اثنتي عشرة أو أربع عشرة ومائتين ، وكانت ولادته(ع) في قرية ( صريا ) التي تبعد عن المدينة ثلاثة أميال .

  • كنيته وألقابه :
    يُكنّى الإمام(ع) بأبي الحسن ، وتمييزاً له عن الإمامين الكاظم والرضا(ع) يقال له أبو الحسن الثالث .
    أمّا ألقابه فهي : الهادي والنقيّ وهما أشهر ألقابه ، والمرتضى ، والفتّاح ، والناصح ، والمتوكّل ، وقد منع شيعته من أن ينادوه به ؛ لأنّ الخليفة العباسي كان يُلقّب به .
    جاء في وصف الإمام الهادي (ع) أنّه “كان أطيب الناس بهجة، وأصدقهم لهجة، وأملحهم من قريب، وأكملهم من بعيد، إذا صمت علته هيبة الوقار، وإذا تكلّم سماه البهاء”

وعن هيبته(ع) في قلوب الناس، روى محمّد بن الحسن الأشتر العلويّ الحسينيّ، قال: كنت مع أبي على باب المتوكّل، وأنا صبيّ، في جمعٍ من الناس، ما بين طالبيّ إلى عبّاسيّ إلى جعفريّ إلى غير ذلك، إذ جاء أبو الحسن عليّ بن محمّد عليه السلام، فترجّل الناس كلّهم حتّى دخل، فقال بعضهم لبعض: لمَ نترجّل لهذا الغلام؟ فما هو بأشرفنا ولا بأكبرنا سنّاً ولا بأعلمنا! والله لا ترجّلنا له. فقال أبو هاشم الجعفريّ: والله لتترجّلُنّ له على صِغَره إذا رأيتموه، فما هو إلّا أن طلع وبصروا به، حتّى ترجّل له الناس كلّهم. فقال لهم أبو هاشم: أليس زعمتم أنّكم لا تترجّلون له؟ فقالوا: ما ملكنا أنفسنا حتّى ترجّلنا”

تنقسم حياة هذا الإمام العظيم إلى حقبتين متميّزتين : أمضى الأولى منهما مع أبيه الجواد(ع) وهي أقلّ من عقد واحد بينما أمضى الثانية وهي تزيد عن ثلاثة عقود  عاصر خلالها ستّة من ملوك الدولة العبّاسية وهم : المعتصم والواثق والمتوكّل والمنتصر والمستعين والمعتز ، واستشهد في أيام حكم المعتز عن عمر يناهز أربعة عقود وسنتين ، وقد عانى من ظلم العباسيين كما عانى آباؤه الكرام حيث أحكموا قبضتهم على الحكم واتخذوا كل وسيلة لإقصاء أهل البيت النبوي وإبعادهم عن الساحة السياسية والدينية ، وإن كلّفهم ذلك تصفيتهم جسديّاً كما فعل الرشيد مع الإمام الكاظم ، والمأمون مع الإمام الرضا ، والمعتصم مع الإمام الجواد(ع) .
وتميّز عصر الإمام الهادي(ع) بقربه من عصر الغيبة المرتقب ، فكان عليه أن يهيّئ الجماعة الصالحة لاستقبال هذا العصر الجديد الذي لم يُعهد من قبل حيث لم يمارس الشيعة حياتهم إلاّ في ظل الارتباط المباشر بالأئمة المعصومين خلال قرنين من الزمن .
ومن هنا كان دور الإمام الهادي(ع) في هذا المجال مهمّاً وتأسيسيّاً وصعباً بالرغم من كل التصريحات التي كانت تتداول بين المسلمين عامّةً ، وبين شيعة أهل البيت خاصّةً حول غيبة الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت(ع) أي المهدي المنتظر الذي وعد الله به الأمم .
وبالرغم من العزلة التي كانت قد فرضتها السلطة العباسية على هذا الإمام حيث أحكمت الرقابة عليه في عاصمتها سامراء ولكنّ الإمام كان يمارس دوره المطلوب ونشاطه التوجيهي بكل دقّة وحذر ، وكان يستعين بجهاز الوكلاء الذي أسّسه الإمام الصادق(ع) وأحكم دعائمه أبوه الإمام الجواد(ع) وسعى من خلال هذا الجهاز المحكم أن يقدّم لشيعته أهمّ ما تحتاج إليه في ظرفها العصيب .

ا. م. د. ايات عبد الوهاب
لجنة احياء الشعائر الإسلامية