ببالغ الحزن والأسى
نرفع أسمى آيات العزاء إلى مقام النبي الأعظم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وحجة الله الإمام المهدي (عجل الله فرجه)، ومراجعنا العظام، والأمة الإسلامية، في ذكرى استشهاد الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) في الخامس والعشرين من رجب الأصب.
سلامٌ عليك يا راهب آل محمد
وأنت تتحمل قيود الظلم وتتجرع مرارة السم، محاطًا بوحدة المطامير وقسوة السجون. سلامٌ على صبرك وكبريائك الذي أعجز أعداءك ودفعهم إلى أن ينادوا على جنازتك بذل الاستخفاف (هذا إمام الرافضة). سلامٌ على حليف السجدة الطويلة ودعاء الليل، لا حرمنا الله شفاعتك في الآخرة وزيارتك في الدنيا.
لمحات من حياة الإمام الكاظم (عليه السلام):
الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) هو الإمام السابع لدى الشيعة الاثني عشرية، وُلد في السابع من صفر سنة 128 هـ، وتولى الإمامة بعد استشهاد والده الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) سنة 148 هـ. عُرف بكثرة عبادته وطاعته لله حتى لُقب بـ”العبد الصالح”. وتشير الروايات إلى أن حراس سجنه تأثروا بخشوعه وكثرة عبادته، وكان يدعو في سجوده: “اللهم إني أسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب.”
كان نقش خاتمه (عليه السلام): “حسبي الله حافظي” و”الملك لله وحده”. وبرز في سيرته الأخلاقية حلمه وسخاؤه، فقد كان يوزع الطعام على فقراء المدينة ليلاً حتى عُرفت عطاياه بصُرّة موسى. وكان يُحسن إلى من أساء إليه، حتى يُقال إنه أهدى هدية إلى من تعرض له بالأذى حتى لُقب بـ”الكاظم” و”باب الحوائج”..
السيرة السياسية للإمام (عليه السلام):
عمل الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) على نزع الشرعية عن الحكم العباسي بوسائل مختلفة، منها إثبات قرب نسبه للنبي (صلّى الله عليه وآله) في مقابل العباسيين. كما طالب بفدك ليظهر امتداد الحق لأهل البيت (عليهم السلام). منع أصحابه من التعاون مع العباسيين، مثلما أوصى صفوان الجمال بعدم تأجير الإبل لهم، وأبقى على علي بن يقطين في منصبه الوزاري لخدمة الشيعة سرًا.
رغم ذلك، التزم الإمام بالتقية تجاه العباسيين، وعُرف بصبره على السجن والظلم حتى استُشهد مسمومًا في سجن السندي بن شاهك سنة 183 هـ، ودُفن في الكاظمية شمال بغداد.
جاء في وصاياه لهشام بن الحكم :
يَا هِشَامُ بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ يَكُونُ ذَا وَجْهَيْنِ وَ ذَا لِسَانَيْنِ يُطْرِي أَخَاهُ إِذَا شَاهَدَهُ وَ يَأْكُلُهُ إِذَا غَابَ عَنْهُ إِنْ أُعْطِيَ حَسَدَهُ وَ إِنِ ابْتُلِيَ خَذَلَهُ. إِنَّ أَسْرَعَ الْخَيْرِ ثَوَاباً الْبِرُّ وَ أَسْرَعَ الشَّرِّ عُقُوبَةً الْبَغْي
وَ إِنَّ شَرَّ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ تُكْرَهُ مُجَالَسَتُهُ لِفُحْشِهِ
وَ هَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ
وَ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُ مَا لَا يَعْنِيهِ
يَا هِشَامُ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ خَائِفاً رَاجِياً وَ لَا يَكُونُ خَائِفاً رَاجِياً حَتَّى يَكُونَ عَامِلًا لِمَا يَخَافُ وَ يَرْجُو.
سلامٌ عليك يوم وُلدت ويوم استُشهدت ويوم تُبعث حيًا.
لجنة إحياء الشعائر الدينية