من كتاب شرح حكم نهج البلاغة للمؤلف الشيخ عباس القمي
**ربّ قول أنفذ من صول (1) -. [3]
أي قد يبلغ الإنسان بالقول ما لا يبلغه بالشدّة و الصولة، فيكون القول أنفذ في غرضه.
و من هذا قولهم: و القول ينفذ ما لا تنفذ الإبر. [4]
و روي مكان أنفذ، أشدّ. [5] و المعنى: ربّ قول يقوله الإنسان، فيكون ضرره عليه أشدّ من صولة عدوّه، أو ربّ قول يسمعه من غيره كقذف أو هجر مثلا يكون أشدّ عليه من صولة العدوّ و هذا كما قال القائل: [1]
جراحات السّنان لها التيام # و لا يلتام ما جرح اللسان
**الرّزق رزقان: طالب و مطلوب، فمن طلب الدّنيا طلبه الموت حتّى يخرجه عنها، و من طلب الآخرة طلبته الدّنيا حتّى يستوفي منها رزقه (1) -. [2]
هذا تحريض على طلب الآخرة، و وعد لمن طلبها بأنّه سيكفي طلب الدّنيا، و إنّ الدنيا ستطلبه حتّى يستوفي رزقه منها.
و قد قيل: مثل الدّنيا مثل ظلّك، كلّما طلبته بعد عنك، فإن أدبرت عنه تبعك. [3]
و لهذا قال عليه السلام-كما في الديوان المنسوب إليه:
«إنّما الدّنيا كظلّ زائل» .
[3] نهج البلاغة، الحكمة 394.
[4] شرح ابن أبي الحديد 19-359.
[5] شرح ابن ميثم 5-438.
[1] قال العلاّمة الشريف الأردكانيّ في جامع الشواهد، ص 119: «لم يسمّ قائله، و البيت من شواهد الجامي في النحو» .
و مثله قول الحمدوني:
و قد يرجى لجرح السيف برء # و لا برء لما جرح اللسان
[العقد الفريد 2-280]
[2] في نهج البلاغة، الحكمة 431: رزقه منها.
[3] شرح ابن أبي الحديد 20-76.
[4] البيت بتمامه:
إنّما الدّنيا كظلّ زائل # أو كضيف بات ليلا فارتحل ديوانه