تهنئة بمناسبة ولادة الامام علي الاكبر (ع) 

تقدم كلية العلوم الاسلامية متمثلة بعميدها الاستاذالدكتور محمد حسين عبود الطائي وتدريسييها وموظفيها وطلبتها ازكى باقات التهاني وابهى التبريكات لصاحب العصر والزمان ومراجعنا العظام والامة الاسلامية جمعاء بمناسبة ولادة الامام علي الاكبر (ع)  :
( نموذج مشرق في سماء برّ الوالدين)

تُعدّ العلاقة بين الإمام الحسين (عليه السلام) وولده علي الأكبر نموذجًا رائعًا في التربية الإيجابية والمثمرة، إذ تعكس أسمى معاني البرّ والتضحية والوفاء. فقد سجل لنا التاريخ مواقف بطولية لعلي الأكبر، أظهرت مدى ارتباطه الوثيق بوالده واستعداده للفداء والتضحية في سبيل الحق.
ومن أبرز هذه المواقف ما حدث أثناء مسير الإمام الحسين (عليه السلام) نحو العراق. فعندما وصل الركب الحسيني إلى الثعلبية – إحدى المنازل الواقعة بين مكة والكوفة – نزل الإمام ليستريح، فوضع رأسه وأغفى قليلًا، ثم استيقظ ليخبر أصحابه برؤيا مخيفة، إذ قال:
“رأيت هاتفًا يقول: أنتم تسرعون والمنايا تسرع بكم إلى الجنة.”
فبادره علي الأكبر بالسؤال: “يا أبه، أفلسنا على الحق؟” فأجابه الإمام الحسين: “بلى يا بني، والذي إليه مرجع العباد.” فردّ علي الأكبر بكل يقين وإيمان:
“يا أبه، إذًا لا نبالي بالموت!”
فقال له الحسين (عليه السلام) :
“جزاك الله يا بني خير ما جزى ولدًا عن والد!”
وهنا تتجلى مكانة علي الأكبر وإدراكه العميق للحق، فقد كان على أتم الاستعداد لمواجهة الموت في سبيل العقيدة، غير آبه بالموت، ما دام يقف إلى جانب أبيه ويمضي على نهجه.
وفي يوم عاشوراء، كان علي الأكبر أول من تقدم من بني هاشم للمبارزة، ليكون في طليعة المدافعين عن أبيه وأهل بيته أمام جيش بني أمية. وعند خروجه إلى الميدان، أنشد مخاطبًا أعداء الله:
أنا عليُّ بنُ الحســينِ بـــنِ علــي
نحنُ وبيـتِ اللهِ أوْلـى بالنبي
تاللهِ لا يَحْكُمُ فينا بـــنُ الدَّعِــي
أَطـعنُكم بالرُمـحِ حتَّى يَنْثَـني
أَضرِبُكُمْ بالسيفِ أَحْمي عن أبي
ضَـرْبَ غُـلامٍ هاشــميٍّ عَلَـوي
تتجلى العلاقة العميقة بين علي الأكبر ووالده، إذ لم يكتفِ بقتال الأعداء فحسب، بل أعلن صراحةً أنه “يحمي عن أبيه”، ما يعكس شعوره العميق بالمسؤولية تجاه الإمام الحسين (عليه السلام). لقد كان علي الأكبر يرى نفسه سندًا لأبيه، مدافعًا عنه بروحه، مضحيًا من أجله حتى اللحظة الأخيرة. فالاب يحب ان يرى ولده سندا في الشدائد وداعما ، وقد فَعل الاكبر وبذل مهجته حتى قُتل سلام الله عليه ،
وعندما سقط علي الأكبر مضرجًا بدمائه ، ، فأسرع إليه بعين باكية ، واحتضنه بقلب مكلوم، مخاطبًا ولده بكلمات تختصر عمق الفاجعة:
“بني، على الدنيا بعدك العفا!”
بهذه العبارة، عبّر الإمام عن مدى فقده لفلذة كبده، وكأن الدنيا قد انتهت بعد رحيله، وغابت شمسها عن قلبه.
م. م. حسن عبد الهادي اللامي
لجنة احياء الشعائر الاسلامية والمناسبات الدينية