من كتاب شرح حكم نهج البلاغة للمؤلف الشيخ عباس القمي
الغنى في الغربة وطن، و الفقر في الوطن غربة (1) -. [1]
قال رجل لسقراط [2] : ما أشدّ فقرك أيّها الحكيم؟قال: لو عرفت راحة الفقر لشغلك التوجّع لنفسك عن التوجّع لي، الفقر ملك ليس عليه محاسبة. [3]
قال بعض الحكماء: أ لا ترون ذا الغنى ما أدوم تعبه، و أقلّ راحته، و أخسّ من ماله حظّه، و أشدّ من الأيّام حذره، و أغرى الدهر بنقصه و ثلمه!و قد بعث الغنى عليه من سلطانه العناء، و من أكفائه الحسد، و من أعدائه البغي، و من ذوي الحقوق الذمّ، و من الولد الملامة و تمنّي الفقدان، لا كذي البلغة فقنع فدام له السرور. [1]
و قالوا: حسبك من شرف الفقر أنّك لا ترى أحدا يعصي اللّه ليفتقر، أخذه الشاعر فقال: [2]
يا عائب الفقر ألا تزدجر # عيب الغنى أكبر لو تعتبر
إنّك تعصي اللّه تبغي الغنى # و ليس تعصي اللّه كي تفتقر
أشار بهذا إلى ذمّ الطمع و مدح الناس و قد أكثر الناس في هذا المعنى نظما و نثرا، و ممّا يروى لعبد اللّه بن المبارك الزاهد: [1]
قد أرحنا و استرحنا # من غدوّ و رواح
و اتّصال بأمير # و وزير ذي سماح
بعفاف و كفاف # و قنوع و صلاح
و جعلنا اليأس مفتا # حا لأبواب النجاح
[1] نهج البلاغة، الحكمة 56.
[2] في شرح ابن أبي الحديد: لبقراط.
[3] شرح ابن أبي الحديد 18-190.
[1] شرح ابن أبي الحديد 18-191.
[2] نفس المصدر 18-190.
[1] شرح ابن أبي الحديد 19-246.