شرح حكم نهج البلاغة –77

من كتاب شرح حكم نهج البلاغة للمؤلف الشيخ عباس القمي

الغنى في الغربة وطن، و الفقر في الوطن غربة (1) -. [1]

قال رجل لسقراط [2] : ما أشدّ فقرك أيّها الحكيم؟قال: لو عرفت راحة الفقر لشغلك التوجّع لنفسك عن التوجّع لي، الفقر ملك ليس عليه محاسبة. [3]

قال بعض الحكماء: أ لا ترون ذا الغنى ما أدوم تعبه، و أقلّ راحته، و أخسّ من ماله حظّه، و أشدّ من الأيّام حذره، و أغرى الدهر بنقصه و ثلمه!و قد بعث الغنى عليه من سلطانه العناء، و من أكفائه الحسد، و من أعدائه البغي، و من ذوي الحقوق الذمّ، و من الولد الملامة و تمنّي الفقدان، لا كذي البلغة فقنع فدام له السرور. [1]

و قالوا: حسبك من شرف الفقر أنّك لا ترى أحدا يعصي اللّه ليفتقر، أخذه الشاعر فقال: [2]

يا عائب الفقر ألا تزدجر # عيب الغنى أكبر لو تعتبر

إنّك تعصي اللّه تبغي الغنى # و ليس تعصي اللّه كي تفتقر

أشار بهذا إلى ذمّ الطمع و مدح الناس و قد أكثر الناس في هذا المعنى نظما و نثرا، و ممّا يروى لعبد اللّه بن المبارك الزاهد: [1]

قد أرحنا و استرحنا # من غدوّ و رواح

و اتّصال بأمير # و وزير ذي سماح

بعفاف و كفاف # و قنوع و صلاح

و جعلنا اليأس مفتا # حا لأبواب النجاح‌


[1] نهج البلاغة، الحكمة 56.

[2] في شرح ابن أبي الحديد: لبقراط.

[3] شرح ابن أبي الحديد 18-190.

[1] شرح ابن أبي الحديد 18-191.

[2] نفس المصدر 18-190.

[1] شرح ابن أبي الحديد 19-246.