بقلم م.م حسن عبدالهادي رشيد – جامعة كربلاء – كلية العلوم الاسلامية
يتساءلُ كثيرٌ من الشبابِ المهتمِّ بتطويرِ ذاتِهِ عن طريقةٍ للسيطرةِ على غرائزهِ معَ كثرةِ المثيراتِ حولَهم، وانتشارِ مصائدَ إبليسَ وفخاخِهِ للإيقاعِ بهِم في مجالاتٍ كثيرةٍ، وهذا يُشعرُهم بالخوفِ على نقائِهم وصفائِهم وسلامتِهم الروحيةِ والصحيّةِ.
فماذا يفعلُ حينما يكونُ في الجامعةِ معَ وجودِ الاختلاطِ ؟
وماذا يفعلُ إزاءَ ما تبثّهُ القنواتُ وتنشرهُ المواقعُ من المثيراتِ والمغرياتِ ؟
وماذا يفعلُ أمامَ ما يراهُ من موضاتٍ وقصّاتِ شعرٍ تستحثّهُ أن يتزيَّ بها مجاراةً معَ الحياةِ المعاصرةِ والحداثةِ !؟
وغيرُها كثيرٌ …
نوجّهُ انتباهكَ الى هذهِ الاضاءاتِ :
عليكَ أنْ تمتلكَ زمامَ نفسِكَ ، فلا تندفعْ وراءَ كلِّ صيحةٍ ، وتنجذبْ لكلِّ فكرةٍ معسولةٍ ، وليكنْ في بالكَ إذا خسرتَ قدرتَكَ على التحكّمِ بتفكيرِكَ فأنَّكَ لا تنتفعُ بأيِّ نصحٍ أو إرشادٍ . ، فيتوجّبُ عليكَ النظرُ لكونترول تفكيرِكَ : أهوَ بيدِكَ ؟!أم بيدِ صديقِكَ ؟! أو بيدِ جهةٍ معيّنةٍ تتلاعبُ بتفكيرِكَ ومشاعرِكَ ؟ !!
فكّرْ : ماذا بعدَ اللّذةِ ؟؟، هل ستبقى عليكَ تبعاتٌ تُحاسَبُ عليها في الآخرةِ ؟ وأمراضٌ تصحَبُكَ الى مُنتهى عمرِكَ ؟! فرُبَّ أكلةٍ منعتْ أكلاتٍ ، ورُبَّ لذّةِ ساعةٍ اعقبتْ ندماً الى المماتِ ؟! ، استعملْ هذهِ الاستراتيجيةِ المهمّةِ قبلَ كلِّ شيءٍ ، ماذا بعدَ اللّذةِ ؟
حينما تقعُ بخطأٍ أو ممارسةِ شيءٍ محرّمٍ حاولْ أنْ تُجري مقارنةً بينَ إحساسِكَ قبلَ وبعدَ الخطأِ الذي ارتكبتَهُ، وكُنْ أنتَ المحاسِبَ والقاضي، فمِن هُنا يجدرُ بكَ أنْ تضعَ إجراءً ثابتاً لنفسكَ حينما تخطأُ ، فيتوجبُ عليكَ أنْ تمثُلَ أمامَ محكمةِ الضميرِ ، و تعاقِبُ نفسَكَ بما تراهُ مؤدِّباً ورادعاً لها ، واعلمْ إذا أهملتَ هذا الجانبَ فإنَّكَ ستفقدُ القدرةَ على التمييزِ بينَ الحقِّ والباطلِ !، بل لا تكترثُ لممارسةِ أبشعِ الأخطاءِ! ، فاحرصْ على هذا الإجراءِ من المحاسبةِ؛ لأنَّهُ سيعيدُ لكَ حيويتكَ الروحيّةَ وصفاءَ قلبِكَ.
تعاملْ بحذر ٍمعَ المصادرِ المحيطةِ بكَ ، أمامَكَ ثلاثةُ مصادرَ تجدُ نفسَكَ تأخذُ منها بدونِ تردّدٍ : الأسرةُ والأصدقاءُ والإعلامُ بشتّى وسائلهِ من الفضائياتِ والمواقع.
فهذهِ المصادرُ تلازمُكَ في حياتِكَ وتتأثّرُ بها بصورةٍ تلقائيةٍ، وتعتبرُها الواقعَ الذي أنتَ فيهِ ، فيتوجبُ عليكَ أنْ تنظّمَ علاقتَكَ مع أفرادِ أسرتِكَ؛ فتصغي لنصائحَ أبويكَ في الخيِر ، ولكَ أنْ تختارَ طريقةَ التفكيرِ التي تنسجمُ معَ العلمِ والمنطقِ ولا تركنْ الى ثقافتِهم إنْ كنتَ تراها في غيرِ الإطارِ الدينيِّ والعلميِّ كما ويتوجبُ عليكَ أنْ تعاملَهما بإكرامٍ واحترامٍ ، وأمّا الأصدقاءُ فينبغي عليكَ الحذرُ كلُّ الحذرِ في انتقائِهم؛ لأنَّ اختيارَ الصديقِ الصدوقِ يقعُ ضِمنَ نطاقِ مسؤوليتكَ، فمتى ما كنتَ صادقاً في التزامكَ بمبادئكَ وقيمكَ فسيكونُ معيارُكَ صحيحاً في ملازمةِ الصالحِ منهم والابتعادِ عن المنحرفِ والفاسدِ ، وأما الفضائياتُ والمواقعُ التواصليةُ فيجبُ عليكَ الحذرُ منها ضِعفَ حذرِكَ من الأصدقاءِ في الواقعِ لأنّكَ لا تدري معَ مَن تتحادثُ كما أنَّ لسهولةِ التواصلِ قد تدفعُكَ النفسُ الأمّارةُ لتكوينِ علاقاتٍ خارجَ الحدودِ الشرعيةِ، فاتّقِ اللهَ واغلقْ هذا البابَ وإياكَ أنْ تُنشئَ حساباً وهمياً لتتصيدَ من خلالهِ ! , واجتنبْ متابعةَ المجاميعِ والكروباتِ التافهةِ التي لا تنفعُكَ في علمٍ ولا دينٍ ..
يُعتبرُ الفراغُ الأرضيةَ الخصبةَ لتهيّجِ الغرائزِ والوقوعِ فيما يثيرُها ، والفَراغُ مفتاحُ دخولِ الشيطانِ للشابِ، بجرّهِ لممارساتٍ قبيحةٍ وخصوصاً في الخلواتِ فاحكمْ عزيمتَكَ منذُ بدايةِ يومِكَ على أنْ لا تكنْ فارغاً من أيَّ شغلٍ ونشاطٍ ، فتعلّمْ وعلّمْ وأفِدْ واستفدْ ومارسْ هواياتِكَ المشروعةِ .
كثرةُ النوم ِوالأكلِ والسهرِ ثلاثةُ منافذَ في حالِ الإفراطِ فيهنَّ فستُوقِعُ الشابَ في مشاكلَ نفسيةٍ وصحيةٍ، وتهدرُ أوقاتهُ بما لا فائدةَ فيهِ ، لذا حثَّ الطبُّ والشرعُ على الاعتدالِ فيهنَّ ، فالطعامُ ينبغي الاقتصارُ على ثلاثِ وجباتٍ ، ومراعاةُ الطريقةِ النبويةِ: ’’ ثلثٌ للطعامِ وثلثٌ للشرابِ وثلثٌ للتنفّسِ ‘‘ ، وكُلِ الطعامَ وأنتَ تشتهيهِ وتوقّفْ عنهُ وأنتَ تشتهيهِ ، واقتصرْ في نومِكَ على ثمانِ أو سبعِ ساعاتٍ ليلاً وساعةٍ أو أقلَّ في منتصفِ النهارِ، واحذرْ من السهرِ إلا في عملٍ مفيدٍ كالتهجُّدِ للعبادةِ وتلاوةِ القرآنِ، أو الانشغالِ بالمطالعةِ أو تعلُّمِ مهارةٍ مفيدة ٍ.
غَضُّ البصرِ هوَ الطريقُ الأساسيُّ لحمايةِ النفسِ من التورّطِ بالمحرّماتِ ، فإنَّ نارَ التمنّي والتخيّلِ تشتعلُ في داخلِ الشبابِ من النظرِ للطرفِ الآخرِ بنظرةٍ مسمومةٍ أو مشاهدةِ الصورِ والأفلامِ الهابطةِ أخلاقياً ، فننصحُكَ بأنْ لاتقتني جهازاً خاصّاً واعتمدْ على الأجهزةِ المنزليةِ التي يستعملُها عامّةُ أفرادِ الأسرةِ، واستخدمْها في العَلنِ دونَ الخفاءِ ، فهذا سيُحفّزُكَ على الانضباطِ أكثر.