اعداد : م.م حسن عبدالهادي رشيد
لجنة احياء الشعائر الاسلامية – كلية العلوم الاسلامية – جامعة كربلاء
الإمام محمد الجواد(عليه السلام) من الأسرة النبوية وهي أجلّ وأسمى الأسر التي عرفتها البشرية، فهو ابن الإمام علي الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي السجاد بن الإمام الحسين سبط رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وابن الإمام علي بن أبي طالب(عليهم السلام) .
و هو تاسع الأئمة الاثنى عشر من أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) و حادي عشر المعصومين الأربعة عشر .
من أشهر ألقابه ( عليه السَّلام ) : الجواد ، التقي ، المنتجب ، القانع .
كنية : أبو جعفر الثاني ، لأن جده الامام محمد الباقر ( عليه السَّلام ) يُكنّى بابي جعفر الأول .
أمه : سبيكة ،وقيل كانت تسمى بـ مريسية ، درة ، ريحانه ، و يحكى أن الامام الرضا ( عليه السَّلام ) سمّاها ” خيزران ” .
ولد في المدينة المنورة ؛ يوم الجمعة التاسع عشر من شهر رمضان المبارك أو العاشر من شهر رجب سنة (195) هجرية .
ولد الإمام الجواد (ع) في أواخر أيام أبيه (ع)، ولم يكن للإمام الرضا (ع) ولد قبله؛ … وحينما ولد الإمام الجواد (ع) وجاؤوا به إلى أبيه قال (ع): «هذا المولود الذي لم يولد مولود أعظم على شيعتنا بركة منه»
استشهد الإمام الرضا (ع) سنة 203 هـ، ولم يتجاوز الإمام الجواد (ع) الثامنة من عمره، واستلم الإمامة بعد أبيه، فكانت امامة الامام الجواد تمثل ظاهرة لما يعرف في الفكر الشيعي بظاهرة الامامة المبكرة التي تولّى فيها بعض الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام ، منصب الإمامة وتصدّوا لها وهم في سنّ مبكّرة, لم تتجاوز العشر سنين, وهو عمر صغير بالنسبة إلى ما ألفته المجتمعات بحكم العادة من حياة الأنبياء والأئمّة عليهم السلام ولهذا تصدّى الائمة الاطهار ومن بعدهم شيعتهم الى الإجابة عن هذه الظاهرة وما اكتنفها من تساؤلات موضوعية ؛
فعن صفوان بن يحيى قال: قلت للرضا عليه السلام: قد كنّا نسألك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر عليه السلام ، فكنت تقول: “يهب الله لي غلاماً”، فقد وهبه الله لك، فأقرّ عيوننا، فلا أرانا الله يومك فإن كان كون فإلى من؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر عليه السلام ، وهو قائم بين يديه، فقلت: جُعلت فداك، هذا ابن ثلاث سنين؟! فقال: “وما يضرّه من ذلك؟ فقد قام عيسى عليه السلام ، بالحجّة وهو ابن ثلاث سنين” ..
في المقابل نجد أن أكثر الشيعة- بعد رحيل الامام الرضا (ع) – قد اعتقدت بإمامة الإمام الجواد (ع) مع صغر سنه. نعم، تحدث بعضهم عن هذا الأمر بحضور الإمام الجواد (ع) نفسه، فاحتج عليهم بما ورد في خلافة النبي سليمان (ع) لـلنبي داوود (ع)، حيث قال: «إنّ الله أوحى إلى داوود أن يستخلف سليمان وهو صبي يرعى الغنم».
استمرت إمامة الإمام الجواد (ع) سبعة عشر عاماً،. وقد عاصر الإمام الجواد (ع) حاكمين من خلفاء الدولة العباسية هما: المأمون والمعتصم العباسي ..
وكان الإمام الجواد (ع) يقيم في المدينة المنورة، لكنه رحل عنها مكرهاً إلى بغداد بطلب من هذين الحاكمين العباسيين، وختم سفره الثاني الذي كان بأمر المعتصم بشهادته..
كان للامام الجواد مواقف كثيرة على المستوى العلمي والمعرفي أزال فيها الغموض والابهام عن جملة من العقائد والاحكام ذُكرت في المصادر المعتبرة .. وكانت فرق أهل الحديث، والواقفة، والزيدية، والغلاة لها نشاط في فترة إمامة الإمام الجواد؛ والإمام لم يواجه هؤلاء الغلاة فحسب، بل بادر بمكافحة معتقداتهم، وبذل مجهوده أن يبعد الشيعة من أفكارهم، وذلك من خلال تبين عقائدهم المنحرفة ..
وتذكر المصادر دور الامام الريادي في تشخيص مواطن الخلل عند ارباب القياس في استنباطاتهم التي اوقعتهم في البعد عن السنة الشريفة ..
ويمكن الإشارة هنا كنموذج إلى بيان الإمام عن حكم حد السارق الذي ذكرته اية قطع يد السارق حيث تذكر المصادر بان سارقا أقرّ على نفسه بالسرقة في مجلس المعتصم العباسي، فجمع الخليفة الفقهاء وقد أحضر الإمام الجواد (ع) أيضاً، فاختلفوا في الموضع الذي يجب أن تقطع اليد منه، فقال بعضهم: من المعصم، وقال آخرون: من المرفق، وكل يستدل على رأيه بآيات من الكتاب العزيز فطلب المعتصم من الإمام (ع) أن يبدي رأيه، فامتنع الإمام (ع) باديء الأمر قائلاً: «قد تكلم القوم فيه» لكن الخليفة ألحّ عليه واقسم عليه في الجواب، فأجاب (ع) بعد إصرار الخليفة قائلاً:
أما إذ أقسمت علي بالله إني أقول: إنهم أخطأوا فيه السنة، فان القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فيترك الكف، قال: لم؟ قال: لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): السجود على سبعة أعضاء: الوجه، واليدين، والركبتين، والرجلين، فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، وقال الله تبارك وتعالى: «وَإنّ المَساجِدَ لِلهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أحَداً»- يعني به: هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها – ” فلا تدعوا مع الله أحدا ” وما كان لله لم يقطع، قال: فأعجب المعتصم ذلك فأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف.
تزوج الإمام الجواد (ع) من أم الفضل ابنة المأمون العباسي، وقد حصل الزواج بطلب من المأمون، فوافق الإمام الجواد (ع) على ذلك، وعيّن لها من الصداق مهر جدته السيدة الزهراء (ع) أي 500 درهم. ولم تنجب أم الفضل ولداً للإمام (ع)، فجميع أولاد الإمام كانوا من زوجته الأخرى سمانة المغربية.
وذكر الشيخ المفيد في الإرشاد أن الجواد (ع) خلّف بعده من الولد (عليّاً)، وموسى، وفاطمة، وأُمامة .
استشهد الامام الجواد ( عليه السَّلام ) على ما قيل في آخر شهر ذي القعدة سنة (220) هجرية ببغداد . وله من العمر (25 ) سنة اذ تم اغتياله بالسُّم على يد زوجته أم الفضل بأمر من المعتصم العباسي أيام خلافته ؟
مدفنه : مدينة الكاظمية في العراق ، بجوار جده الكاظم ( عليه السَّلام ) في مقابر قريش .
من كلماته المضيئة :
- ” أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ الْإِخْلَاصُ “
- من أصغى إلى ناطق فقد عبده فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله و إن كان الناطق ينطق عن لسان إبليس فقد عبد إبليس.
- “الْقَصْدُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْقُلُوبِ أَبْلَغُ مِنْ إِتْعَابِ الْجَوَارِحِ بِالْأَعْمَالِ”
- التفقه ثمن لكل غال و سلم إلى كل عال.
- “إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الشَّرِيرِ، فَإِنَّهُ كَالسَّيْفِ الْمَسْلُولِ، يَحْسُنُ مَنْظَرُهُ وَ يَقْبُحُ أَثَرُهُ” .
- “لَا تُعَادِيَنَّ أَحَداً حَتَّى تَعْرِفَ الَّذِي بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ كَانَ مُحْسِناً لَمْ يُسْلِمْهُ إِلَيْكَ، فَلَا تُعَادِهِ، وَ إِنْ كَانَ مُسِيئاً فَإِنَّ عِلْمَكَ بِهِ يَكْفِيكَهُ، فَلَا تُعَادِهِ”.