خمسة أساليب لانتقاد الآخرين دون إغضابهم

م.م حسن عبدالهادي اللامي – كلية العلوم الاسلامية – جامعة كربلاء

ينبغي أنْ نراعي مشاعرَ الآخرينَ في النقدِ، وإنْ صدرَ منهم أمرٌ مغلوطٌ أو خاطئٌ، وإنَّ الرفقَ في النصحِ هوَ أساسُ بناءِ الإنسانِ لا ما يتوهمهُ البعضُ من لزومِ الشدّةِ والخشونةِ في التوجيهِ، فالأسلوبُ هوَ الطريقُ الى قلوبِ الآخرينَ، فإنْ كانَ ليّناً رفيقاً سينفذُ التوجيهُ والانتقادُ الى قلوبِهم دونَ أيِّ زعلٍ منهم ويتقبلونهُ عن حُبٍّ وتفهّمٍ، وأما إنْ كانَ فظّاً خشناً فإنَّ الآخرينَ سينفرونَ ولا يتقبلونَ تعديلَ مسارِهم أو تصحيحَ أغلاطِهم وربّما يغضبونَ ..

فإليكَ خمسةَ أساليبَ ناجحةٍ في توجيهِ النقدِ للآخرينَ دونما أنْ تجعلَهم ينفرونَ:

أولاً: أسلوبُ إياكِ أعني واسمعي يا جارة، إذا أردتَ أنْ تنبّهَ أحداً على شيءٍ قد أزعجكَ منهُ، أو ظهرَ منهُ ما هوَ غيرُ لائقٍ وغيرُ مناسبٍ ولكنْ يمنعُكَ مانعٌ نفسيٌّ أو خارجيٌّ.

 كأنْ يكونُ الشخصُ أكبر سناً منكَ، أو صدرُهُ ضيّقٌ أمامَ التوجيهِ والنقدِ، فاستعملْ أسلوبَ التلويحِ والإشارةِ بـ(إياكِ أعني واسمعي يا جارة ) وقد نبّهَ الإمامان الحسنُ والحُسينُ (عليهما السلام) شيخاً كبيراً على غلطهِ في الوضوءِ بصورةٍ ذكيّةٍ ، فجعلاهُ حَكَماً على وضوئِهما لكي يحكمَ بالأصحِّ من بينِهما ، فتوضئا فكان كلا الوضوءين صحيحاً، فانتبهَ الشيخُ لخطئِهِ وعرفَ أنَّهما -سلام الله عليهما- يقصدانِ تنبيهَهُ بصورةٍ مؤدّبةٍ مراعاةً لسنِّهِ، فصحَّحَ من وضوئِهِ وشكرَهُما على ذلك .
ثانياً: أسلوبُ عاتبْ أخاكَ بالإحسانِ إليهِ”، دخلَ مديرُ مصنعٍ على موظفيهِ فوجدَهم يدخنونَ السجائرَ في غرفتِهم، بينما كانتْ فوقَ رؤوسِهم لوحةٌ فيها عبارةُ (ممنوع التدخين) فما كانَ أمامَ هذا المديرِ الفطنِ غيرَ أنْ قامَ بتقديمِ عدّةِ سجائرَ لهم وقالَ: “سأقدّرُكم لو أنّكُم دخنتُم هذهِ السيجارةَ في الخارجِ “ فنبَّههُم على مخالفتِهم لقواعدِ العملِ بإسلوبٍ جعلَهم يخجلونَ منهُ، كما إنّه ومِن خلالِ إكرامهِ لهم تمكّنتْ محبتُهُ في قلوبِهم.  

ثالثاً: أسلوب التوجيهِ العمليِّ الصامت، لاحظَ صاحبُ المحلِّ عمالَهُ متجمعينَ في جهةٍ ما يتمازحونَ ويضحكونَ ولفتَ انتباهَهُ أنَّ أحدَ الزبائنِ كانَ بمفردهِ و ينتظرُ من يساعدُهُ في الشراءِ فبادرَ هوَ الى هذا الزَبونِ وساعدَهُ على الشراءِ، ثمَّ قامَ بحملِ السلعِ ووضعَها أمامَ العمالِ، وطلبَ منهم أنْ يغلّفوها ويهيئوها للزبونِ، فخجِلوا وبادروا الى العملِ. أحياناً كثيرةً نستطيعُ أنْ نوجهَ نقداً عملياً يؤثّرُ في الآخرينَ بصورةٍ إيجابيةٍ دونما أنْ نهدرَ كلاماً قاسياً بالنّقدِ قد يتركُ أثراً سيّئاً في النفوسِ ويثيرُ ردَّ فعلٍ معكوسٍ.
رابعاً: التوجيهُ عِبرَ المقترحاتِ: كتبَ أحدُهم كلمةً لافتتاحِ حفلٍ خاصٍّ، وقبلَ أنْ يلقيها عرضَها على صديقهِ المُقرّبِ فقالَ لهُ صديقُهُ بعدَ أنْ تأملَ قليلاً “إنَّ كلمتَكَ الرائعةَ تصلحُ أنْ تُنشرَ في جريدةِ المدينةِ! “، ففهِمَ الكاتبُ أنَّ ما كتبَهُ غيرُ مناسبٍ لظرفِ الحفلِ فأعادَ كتابةَ كلمتِهِ بعنايةٍ وتركيزٍ. يمكنُ أنْ نسمي هذا الأسلوبَ بالتحفيزِ غيرِ المباشرِ عِبرَ الدعمِ المعنويّ، وتوجيهِ مقترحاتٍ نافعةٍ دونما إشعارِ الآخرِ بوجودِ سَلبياتٍ في عملهِ أو سلوكهِ.
خامسا: ابتعدْ عن كلمةِ (ولكن) أثناءَ التشجيعِ والمدحِ: يلجأُ البعضُ الى استخدامِ المدحِ كمقدمةٍ للنّقدِ ظنّاً منهم بأنَّهم يكونوا منصفينَ، ويحققونَ توازناً بذلكَ! ، وفي الحقيقةِ إنَّ مَن تمَّ تشجيعهُ أصيبَ بخيبةِ أملٍ وإحباطٍ في معنوياتهِ مما يُضعِفُ ثقتهُ بنفسهِ ، كما أنَّ المصداقيةَ ستنعدمُ بينَ المادحِ والممدوحِ، فاستدراكُ المدحِ بالنّقدِ قد يُفَسَّرُ على أنّهُ ناتجٌ عن الكراهيةِ والحسِد ، فلا تَتبعْ مدحَكَ وتشجيعَكَ بمفردةِ (ولكن)، بل بتمنّي المزيدِ من النجاحِ أو تدعو لهُ بالخيرِ  .