من كتاب دروس في علم الاصول – الحلقة الثانية في سؤال وجواب
بقلم الدكتور ضرغام كريم الموسوي – جامعة كربلاء كلية العلوم الاسلامية
- متى يرفع الفقيه يده عن أصالة إشتغال الذمة (الاحتياط العقليّ) ؟
ج: يرفع يده عن أصالة الإشتغال في بعض الحالات الآتية :
أوّلاً : إذا حصل له دليل مُحرِز قطعيّ ينفي التكليف , فإنَّ هذا القطع يكون معذراً بحكم العقل ، فيرفع يده عن أصالة الإشتغال إذ لا يبقى لها موضوع .
ثانياً : إذا حصل له دليل مُحرِز قطعيّ على إثبات التكليف فالتنجز يظل على حاله ، ولكنه يكون بدرجة أقوى وأشد كما تقدم ([1]).
ثالثاً : إذا لم يتوفر له القطع بالتكليف لا نفياً ولا إثباتاً ، ولكن حصل له القطع بترخيص ظاهريّ من الشارع في ترك التحفظ ، فحيث إنَّ منجزيّة الاحتمال والظن معلقة على عدم ثبوت إذن من هذا القبيل كما تقدم ، فمع ثبوته لا منجزيّة فيرفع يده عن أصالة الإشتغال .
وهذا الاذن تارة يثبت بجعل الشارع الحجيّة للأمارة ( الدّليل المُحرِز غير القطعيّ ) ، كما إذا أخبر الثقة المظنون الصدق بعدم الوجوب فقال لنا الشارع : صدّق الثقة ، وأخرى يثبت بجعل الشارع لأصل عملي من قبله ، كأصالة الحل الشرعيّة القائلة ( كل شيء حلال حتى تعلم أنَّهُ حرام ) , والبراءة الشرعيّة القائلة ( رفع ما لا يعلمون ) وقد تقدم الفرق بين الأمارة والأصل العملي .
رابعاً : إذا لم يتوفر له القطع بالتكليف لا نفياً ولا إثباتاً ، ولكن حصل له القطع بأنَّ الشارع لا يأذن في ترك التحفظ ، فهذا يعني أنَّ منجزيّة الاحتمال والظن تظل ثابتة غير أنَّها آكد وأشد مما إذا كان الاذن محتملاً , وهنا أيضاً تارة يثبت عدم الاذن من الشارع في ترك التحفظ ، بجعل الشارع الحجيّة للأمارة ، كما إذا أخبر الثقة المظنون الصدق بالوجوب فقال الشارع : لا ينبغي التشكيك فيما يخبر به الثقة , أو قال : صدّق الثقة ، وأخرى يثبت بجعل الشارع لأصل عملي من قِبله , كأصالة الاحتياط الشرعيّة المجعولة في بعض الحالات.