من كتاب شرح حكم نهج البلاغة للمؤلف الشيخ عباس القمي
الدّنيا دار ممرّ لا در مقرّ، و النّاس فيها رجلان:
رجل باع نفسه [2] فأوبقها، و رجل ابتاع نفسه
فأعتقها (1) -. [1]
أوبقها ، أي أهلكها (2) -، و كون الدّنيا دار ممرّ باعتبار أنّها طريق إلى الآخرة الّتي هي دار المقرّ.
الدّاعي بلا عمل كالرّامي بلا وتر (3) -. [2]
من خلا من العمل فقد أخلّ بالواجبات، و من أخلّ بالواجبات فقد فسق، و اللّه تعالى لا يقبل دعاء الفاسق.
و شبّهه بالرامي بلا وتر، فإنّ سهمه لا ينفذ. [3]
و نحوه قول الرسول صلّى اللّه عليه و آله: أحمق الناس من ترك العمل و تمنّى على اللّه. [4]
الدّهر يومان: يوم لك، و يوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، و إذا كان عليك فاصبر (4) -. [5]
قد ذكر هذا المعنى في كلمات الفصحاء و أشعار الشعراء كثيرا، فمن كلامهم: الدهر يومان: يوم بلاء، و يوم رخاء. و الدهر ضربان:حبرة [1] و عبرة. و الدّهر وقتان: وقت سرور، [2] و وقت ثبور. [3]
و من أشعارهم: [4]
فيوم علينا و يوم لنا # فيوم نساء و يوم نسرّ
و قال آخر:
هي طورا هجر و طورا وصال # ما أمرّ الدّنيا و ما أحلاها
إلى غير ذلك.
[2] في النهج: باع فيها نفسه.
[1] نهج البلاغة، الحكمة 133.
[2] نهج البلاغة، الحكمة 337.
[3] شرح ابن أبي الحديد 19-252.
[4] شرح ابن ميثم 5-408.
[5] نهج البلاغة، الحكمة 396.
[1] الحبرة: السرور و النعمة.
[2] الثبور: الهلاك.
[3] شرح ابن أبي الحديد 19-364.
[4] العقد الفريد 3-59.