من كتاب دروس في علم الاصول – الحلقة الثانية في سؤال وجواب
بقلم الدكتور ضرغام كريم الموسوي – جامعة كربلاء كلية العلوم الاسلامية
- ما الفرق بين مسلك الاعتبار ونظريّة التعهد؟
ج: إنَّ دلالة اللفظ تنشأ من الوضع ، والوضع ليس اعتباراً ، بل هو تعهد من الواضع بأنْ لا يأتي باللفظ إلّا عند قصد تفهيم المعنى ، وبذلك تنشأ ملازمة بين الإتيان باللفظ وقصد تفهيم المعنى ، ولازم ذلك أنْ يكونَ الوضع هو السبب في الدلالة التصديقيّة المستبطنة ضمناً للدلالة التصوريّة ، بينما على مسلك الاعتبار لا يكون الوضع سبباً إلّا للدلالة التصوريّة , وهذا فرق مهم بين المسلكين .
وهناك فرق آخر وهو أنَّهُ بناء على التعهد يجب إفتراض كل متكلم متعهداً وواضعاً لكي تتم الملازمة في كلامه ، وأمَّا بناءً على مسلك الاعتبار فيفترض أنَّ الوضع إذا صدر في البداية من المؤسس أوجب دلالة تصوريّة عامة لكل من علم به من دون حاجة إلى تكرار عمليّة الوضع من الجميع .
- ما الإشكال على نظريّة التعهد؟
ج: ويرد على مسلك التعهد أمران:
أوّلاً : إنَّ المتكلم لا يتعهد عادة بأنْ لا يأتي باللفظ إلّا إذا قصد تفهيم المعنى الذي يريد وضع اللفظ له ؛ لأنَّ هذا يعني إلتزامه ضمناً بأنَّ لا يستعمله مجازاً ، مع أنَّ كل متكلم كثيراً ما يأتي باللفظ لتفهيم المعنى المجازي ، فلا يحتمل صدور الإلتزام الضمني المذكور من كل متكلم .
وثانياً : إنَّ الدلالة اللفظيّة والعلقة اللغوية بموجب هذا المسلك تتضمن استدلالاً منطقياً وإدراكاً للملازمة وانتقالاً من أحد طرفيها إلى الآخر ، مع أنَّ وجودها في حياة الإنسان يبدأ منذ الأدوار الأولى لطفولته وقبل أنْ ينضج أي فكر استدلالي له ، وهذا يبرهن على أنَّها أبسط من ذلك .
- ما المراد من نظريّة القرن الأكيد ؟
ج: هو أنَّ الوضع يقوم على أساس قانون تكويني للذهن البشري ، وهو : أنَّهُ كلمّا ارتبط شيئان في تصور الإنسان ارتباطاً مؤكداً أصبح بعد ذلك تصور أحدهما مستدعياً لتصور الآخر .
وهذا الربط بين تصورين تارة يحصل بصورة عفوية ، كالربط بين سماع الزئير وتصور الأسد , الذي حصل نتيجة التقارن الطبيعي المتكرر بين سماع الزئير ورؤية الأسد ، وأخرى يحصل بالعناية التي يقوم بها الواضع ، إذ يربط بين اللفظ وتصور معنى مخصوص في ذهن الناس فينتقلون من سماع اللفظ إلى تصور المعنى ، والاعتبار الذي تحدثنا عنه في الاحتمال الثاني ، ليس إلا طريقة يستعملها الواضع في ايجاد ذلك الربط والقرن المخصوص بين اللفظ وصورة المعنى , فمسلك الاعتبار هو الصحيح ، ولكن بهذا المعنى وبذلك صح أن يقال: إنَّ الوضع قرن مخصوص بين تصور اللفظ وتصور المعنى بنحو أكيد لكي يستتبع حالة إثارة أحدهما للآخر في الذهن . ومن هنا نعرف أنَّ الوضع ليس سبباً إلّا للدلالة التصوريّة ، وأمَّا الدلالتان التصديقيتان الأولى والثانية ، فمنشأهما الظهور الحالي والسياقي للكلام لا الوضع.
- ما المراد من الوضع وفقا لنظريّة السيد الصدر+؟
ج: هو عمليّة اقتران اللفظ بمعنى نتيجتها أنْ يقفز الذهن إلى المعنى عند تصور اللفظ دائماً.