والنصب من الظرف
قولهم : غدا آتيك ، ويوم الجمعة « 1 » يفطر الناس فيه « 2 » ، واليوم أزورك . قال ساعدة بن جؤيّة : « 3 »
لدن بهزّ الكفّ يعسل متنه * فيه كما عسل الطّريق الثّعلب
فنصب « 4 » « الطريق » [ على الظرف ] « 5 » ، لأنّ عسلان الثعلب ، وهو مشيته « 6 » ، وقع في الطريق . وقال آخر ، عمرو بن كلثوم : « 7 »
صددت الكأس عنّا أمّ عمرو * وكان الكأس مجراها اليمينا
فنصب « اليمين » « 8 » على الظرف ، كأنّه قال : مجراها على اليمين .
وقال آخر : « 9 »
هبّت جنوبا فذكرى ما ذكرتكم * عند الصّفاة الّتي شرقيّ حورانا
نصب « الشّرقيّ » على الظرف ، أي : [ هي شرقيّ حوران .
تقول ] : هو شرقيّ الدار . وإذا قلت : هو شرقيّ الدار ، وجعلته اسما ، جاز الرفع « 1 » / . ونصب الآخر « 2 » « جنوبا » على معنى : هبّت الرّيح جنوبا . وحوران لا ينصرف .
وسمّي « 3 » الظرف ظرفا ، لأنّه يقع الفعل فيه « 4 » ، كالشئ يجعل في الظرف . فإذا « 5 » قلت : هو شرقيّ « 6 » الدار ، فجعلته اسما ، جاز الرفع . ومثله قول لبيد [ بن ربيعة العامريّ ] : « 7 »
فغدت كلا الفرجين تحسب * أنّه مولى المخافة خلفها وأمامها
رفع « خلفها » و « أمامها » لأنّه جعلهما اسما « 8 » ، وهما حرفا الطريق « 9 » .
قال « 10 » الشاعر : « 11 »
أمّا النّهار ففي قيد وسلسلة * واللّيل في جوف منحوت من السّاج رفع « الليل » و « النهار » ، لأنّه جعلهما اسما ، ولم يجعلهما ظرفا .
وكذلك يلزمون الشيء الفعل ، ولا فعل . وإنّما هذا على المجاز ؛ كقول اللّه ، جلّ وعزّ ، في « البقرة » « 1 » : ( فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ ) .
والتجارة لا تربح . فلمّا كان الرّبح فيها نسب الفعل إليها .
ومثله : « 2 » ( جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ ) . ولا إرادة للجدار . وقال الشاعر : « 3 »
لقد لمتنا يا أمّ غيلان في السّرى * ونمت وما ليل المطيّ بنائم
والليل لا ينام ، وإنّما ينام فيه . وقال آخر : « 4 »
فنام ليلي ، وتجلّى همّي * وتقول : هو منّي فرسخان ، ويومان ، لأنّك تقول : بيني وبينه فرسخان . فإذا قلت : هو منّي مكان الثّريّا ، ومزجر الكلب ، نصبت لأنّك لا تقول : بيني وبينه مكان « 5 » الثّريّا ، ولا مزجر « 6 » الكلب . وقال الشاعر : « 7 »
وأنت مكانك في وائل * مكان الثّريّا من است الحمل.
( 1 ) ق : الخميس .
( 2 ) سقطت من النسختين .
( 3 ) ديوان الهذليين 1 : 167 والكتاب 1 : 16 و 109 والخصائص 3 : 319 وأمالي ابن الشجري 1 : 42 و 2 : 248 والعيني 2 : 544 والخزانة 1 : 474 . وفي الأصل وب : « قال الشاعر » . يصف ساعدة رمحا . ويعسل : يهتز ، ويضطرب . وهذا البيت مع التعليق عليه هو في ق بعد « على اليمين » .
( 4 ) ق : نصب .
( 5 ) من النسختين .
( 6 ) ق : عدوه ومشيه .
( 7 ) شرح القصائد العشر ص 323 والكتاب 1 : 113 و 201 وشذور الذهب ص 232 والهمع 1 : 201 والدرر 1 : 169 . وفي الأصل : « لآخر » . ق : وقال الشاعر .
( 8 ) في النسختين : يمينا .
( 9 ) جرير . ديوانه ص 596 والكتاب 1 : 113 و 201 . وما : زائدة . والصفاة : الصخرة الملساء . وحوران : اسم موضع .
( 1 ) سقط « أي . . الرفع » من النسختين . وانظر ما يرد بعد .
( 2 ) سقطت من النسختين .
( 3 ) جعل « وسمي . . في الظرف » في النسختين بعد « حرفا الطريق » .
( 4 ) في النسختين : يقع فيه الفعل .
( 5 ) في الكلام تكرار لما مضى بخلاف يسير .
( 6 ) ق : شرقيّ .
( 7 ) ديوان لبيد ص 311 والكتاب 1 : 202 والمقتضب 3 : 102 و 4 : 341 وشذور الذهب ص 161 وشرح المفصل 2 : 44 و 129 والهمع 1 : 210 والدرر 1 : 178 . وما بين معقوفين من ب . وفي الأصل : « يحسب » . والفرج : الواسع من الأرض . والمولى : الجالب والمسبب .
( 8 ) ق : اسمين .
( 9 ) ق : الظرف .
( 10 ) سقط حتى « من است الحمل » من النسختين . وهو في الأصل بعد « في حال قيامه » في « النصب من الحال » .
( 11 ) الكتاب 1 : 80 والكامل ص 700 والمحتسب 2 : 184 والمقتضب 4 : 331 والإفصاح ص 134 والبحر 4 : 315 . وضبط النهار والليل في الأصل بالضم والفتح معا . والساج : ضرب من شجر الهند .
( 1 ) الآية 16 .
( 2 ) الآية 77 من الكهف .
( 3 ) جرير . ديوانه ص 554 والكتاب 1 : 80 والنقائض ص 753 والمقتضب 3 : 105 و 4 : 331 والمحتسب 2 : 184 وأمالي ابن الشجري 1 : 36 و 301 والإنصاف ص 243 والخزانة 1 : 223 . وأم غيلان : بنت جرير . والمطي : جمع مطية . وهي الناقة .
( 4 ) رؤبة . ديوانه ص 142 والكامل ص 79 والمقتضب 3 : 105 و 4 : 145 والمحتسب 2 : 184 ودلائل الإعجاز ص 192 و 290 .
( 5 ) في الأصل : مكان .
( 6 ) في الأصل : مزجر .
( 7 ) الأخطل . ديوانه ص 335 والكتاب 1 : 207 والمقتضب 4 : 350 والمؤتلف والمختلف ص 84 والخزانة 1 : 415 و 220 و 458 . ووائل اسم قبيلة . والثريا : نجم صغير المنظر .
والحمل : برج من بروج السماء .