تنمية المناهج الدراسية في العراق ….كيف ولماذا ؟

تنمية المناهج الدراسية في العراق ....كيف ولماذا ؟

م.حوراء كاظم جواد كاظم الخزاعي / كلية العلوم الاسلامية – جامعة كربلاء

يُعَدُّ المنهج الدراسي الوسيلة لتحقيق أهداف التربية والتعليم ، ولما كان المنهج يتأثر بعدَّة عوامل هي : ( الطالب وخصائصه ، وطبيعة البيئة ، وطبيعة وخصائص المجتمع وحاجاته ومشكلاته الاجتماعية والاقتصادية ، والثقافية والتطورات العلمية والتربوية والتكنولوجية ) وحيث أن كل عامل من هذه العوامل قابل للتغيير والتطور ، ويتأثر بالمتغيرات الداخلية والخارجية فأنَّ عملية تطور المنهج من وقت إلى آخر تصبح أمرا ضروريا ويجب بذل الجهود لتطويره على أفضل وجه.  وينبغي أن يتم التطور على أساس دراسة الواقع بجميع أبعاده وجوانبه ، وتحديد إمكاناته ومشكلاته ومتطلباته .

 وفي زمن ارتقى فيه مفهوم الأميَّة وتعقَّد ليشمل مستويات وأبعاد تعليمية متقدمة من بينها أمية اللغات والمعلومات ومستويات المعرفة نجد تراجع البنية الأساسية للتعليم في العراق وبعدها عن مواكبة التطورات الفكرية والعلمية الحاصلة في العالم ، بالرغم من ضخامة الموارد البشرية والمادية التي يزخر بها فالترهل والرتابة والجمود في الصيغ والطرق والأساليب التقليدية للمناهج الدراسية ومواردها التعليمية التي كتبت ووضعت للمراحل الابتدائية والمتوسطة والإعدادية  قد استنفدت أغراضها و أهدافها ، ونراها اليوم تواجه أسبابا وتحديات وإشكاليات أكثر تعقيدا وخطورة على منظومة الفكر  والقيم والهوية الدينية والوطنية للفرد والمجتمع العراقي ، حيث أن المناهج الدراسية العراقية بحاجة ماسة إلى التطوير والتحديث ، ومواكبة التطورات والمتغيرات في الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية الحاصلة في العالم اليوم ، وذلك بجعل المادة العلمية أي ( المناهج الدراسية ) مادة حية ومرنة  تتضمن أبعاداً تنموية تُصب في بناء القدرات والطاقات والمهارات والقابليات الذاتية والفكرية والتي تُعد كآليات وأدوات ضابطة ومطورة للفعل الإنساني والسلوك الاجتماعي  للطلبة ، أي أن تعمل المادة العلمية في توجهاتها على اتجاهين متوازيين ،  اتجاه يعمل على بناء وتطوير القدرات الذهنية والعقلية والفكرية وهذا ما تقوم به مناهج ( الرياضيات ، العلوم الطبيعية ، الفيزياء  ،الكيمياء ، وعلم الأحياء) أما الاتجاه الآخر فهو يعمل على بناء وتطوير التوجهات النفسية والوجدانية والأخلاقية والعاطفية من مهارات وأنماط سلوك مختلفة تعينه وترشده على فهم خياراته وتعددها في التفاعل والممارسة اليومية وهو ما تقوم به مناهج ومواد العلوم الاجتماعية والإنسانية من( أسلامية ،لغة عربية ، تاريخ ، جغرافية ، وطنية اقتصاد لغة انكليزية  وفنية ) . 

ومع مراعاة التدرج الفكري والعلمي لهذه الفئات والخصوصية الثقافية والفنية لطبيعة المجتمع ، فالحاجة اليوم إل تطوير المناهج وتحديثها لا تقتصر على الجانب العلمي والمادي والتقني فحسب ، أنما أيجاد ومراعاة التوازن ما بين الاتجاهات ضروري أيضا ؛ وذلك لبناء الوعي الفردي والاجتماعي عند طلبة المدارس وأعدادهم وتأهيلهم للدخول إلى عالم المسؤولية ، وبناء الحياة الاجتماعية وهو ما عملت وتعمل عليه أكثر المناهج التعليمية في المجتمعات المتقدمة  بعد أن حصل التعليم فيها على الدعم والاهتمام الكامل من مؤسساتها الحكومية والمجتمعية من تخطيط وتمويل وتشريع ومراقبة ومتابعة لتحسين جودة أدائه وضمان تحقيق نتائجه.

فكانت من السلبيات والتي تعدُّ مأخذا على الواقع التعليمي في العراق ، أن المناهج الدراسية في العراق تلقينية أكثر منها تحفيزية فليس للطالب أي دور أو تأثير ، كما أنها لا تهتم ببناء وتطوير ثقافة الطالب ومهاراته ، وقدراته وطاقاته ، الذهنية والفكرية والفردية والاجتماعية ، وتجعل من دور الطالب في قاعدة الدرس سلباً ؛ كونه يتلقى المعلومات والأفكار تلقيا تراكميا عموديا يخلق تأثيراً وقتياً محدداً لا تلقياً مفاهيمياً يحمل طابعاً تطبيقياً وعملياً ، إضافة إلى العلاقة السلبية بين الطالب ومدرس المادة بسبب طبيعة المنهج وطريقة تدريسه المتبعة  فهي طبيعة قسرية وقهرية  لا تعتمد على الحوار البنَّاء والمثمر ،   ناهيك أن المناهج بعيدة كل البعد عن حاجات الطالب المادية والمعنوية مما يجعل الطالب يعيش حالة من الانعزال عن المادة التي يتلقاها أو يكون شديد العداء تجاهها، إضافة إلى أن مادتها وطريقتها تبرر للطالب تغيبه وعدم حضوره للدرس وهروبه من المدرسة كونها لا تتلاءم مع حاجاته وميوله الذهنية والنفسية،وأيضا أنها لا تنمي لدى الطلبة الاعتماد على ذواتهم في حل مشاكلهم.

ونحن بصدد تطوير المناهج الدراسية في العراق لا بدَّ من تنمية القدرات والقابليات عند طلبة المدارس  من خلال الإطلاع على أزمة الواقع التعليمي في العراق وأسبابها والمشروعات العربية المقارنة ، وإضفاء مادتي ( تنمية موارد بشرية –وتنمية مجتمع المعرفة  ) على المناهج الدراسية  ومادتها العلمية من تدريب وتطوير ، وتأهيل قدرات وطاقات طلبة المدارس الذاتية والفكرية ، إضافة إلى المادة العلمية الأساسية لتهيئتهم ثقافياً واجتماعياً ،واستخدام التقانة الجديدة ( الحاسوب ، الانترنيت  ، السمنر والأقراص الليزرية ) ضمن المناهج الدراسية المقررة  وإدخال مفاهيم ومعارف جديدة في المناهج الدراسية لبناء وتحصين الطالب 

والتركيز على القرى والأرياف في برامج التنمية والتأهيل والتدريب لرفع المستوى العلمي والثقافي والاجتماعي ؛ لحاجتهم الماسة لذلك 

وتفعيل دور المرشد التربوي ( النفسي والاجتماعي ) في مدارس ومراحل التعليم المختلفة 

إضافة إلى أقامة الورش والندوات والمؤتمرات العملية والمستمرة  لأولياء أمور الطلبة ؛ لإشراكهم في مسؤولية متابعة ومراقبة المستوى العلمي والأخلاقي والتربوي للطلبة .