من كتاب شرح حكم نهج البلاغة للمؤلف الشيخ عباس القمي
أهل الدّنيا كركب يسار بهم و هم نيام
قال ابن أبي الحديد في الشرح: هذا التشبيه واقع و هو صورة الحال لا محالة.
و قد أتيت بهذا المعنى في رسالة كتبتها إلى بعض الأصدقاء تعزية، فقلت: و لو تأمّل الناس أحوالهم، و تبيّنوا مآلهم، لعلموا أنّ المقيم منهم بوطنه، و الساكن إلى سكنه، أخو سفر يسرى به و هو لا يسري، و راكب بحر يجرى به و هو لا يدري.
إذا لم يكن ما تريد فلا تبل كيف[ما]كنت
كان أصل «لا تبل» لا تبال، فحذفت الألف تخفيفا لكثرة الاستعمال، و مراده عليه السّلام بهذا الكلام أي إذا فاتك مرادك من الأمر فلا تبل بفوات ما أمّلته، و لا تحمل لذلك همّا كيف كنت، و على أيّ حال كنت، من حبس أو مرض أو فقر أو فقد حبيب، و بالجملة، لا تبال بالدهر، و لا تكثرت بما يعكس عليك من غرضك، و يحرمك من أملك، و ذلك لأنّ الأسف على فوات المراد يستلزم غمّا و ألما و هو مضرّة عاجلة لا يثمر فائدة فارتكابه سفه، و هذا مثل قوله عليه السّلام: «فلا تكثر على ما فاتك منها أسفا» و مثل قوله تعالى: «لِكَيْلاََ تَأْسَوْا عَلىََ مََا فََاتَكُمْ» .
إذا تمّ العقل نقص الكلام
تمام العقل يستلزم كمال قوّته على ضبط القوى البدنيّة و تصريفها بمقتضى الآراء المحمودة الصالحة، و وزن ما يبرز إلى الوجود الخارجيّ عنها من الأقوال و الأفعال بميزان الاعتبار و في ذلك من الكلفة و الشرائط ما يستلزم نقصان الكلام بخلاف ما لا يوزن و لا يعتبر من الأقوال.
قالوا: إذا رأيتم الرجل يطيل الصمت و يهرب من الناس، فاقربوا منه فإنّه يلقّى الحكمة.