البناء القيمي للإنسان

البناء-القيمي-للإنسان.jpg

الدكتورة بشرى حنون محسن – كلية العلوم الاسلامية – جامعة كربلاء

     حظي موضوع القيم باهتمام كبير من قبل المتخصصين في ميادين  الفلسفة وعلم الاجتماع والاخلاق والتربية، اذ تُعّد القيم الموجّه الأساس لسلوكيات الفرد داخل الاسرة والمجتمع ، وفقدانها أو عدم معرفتها, أو التهاون بالتقيد بها , يجعل الفرد يسلك في أعمال عشوائية لا يصل من خلالها الى شيء بل تؤدي به الى الضياع , والافراد والمجتمعات بحاجة إلى منظومة قيمية تستند اليها؛ لما لها من دور في تكامل البنية الاجتماعية وتماسكها , والمحافظة على هويتها وانتمائها.

   وقد بدأت الامة الاسلامية في العصر الحديث والمعاصر تعاني من التدهور والانحلال الخلقي الذي تعاني منه المجتمعات والحضارات المتقدمة المعاصرة , وذلك لابتعادها عن القيم الاسلامية والقيم العربية الأصيلة, ومن يطلع على المنظومة القيمية في الإسلام يجدها تمتاز بخصائص متكاملة تميزها عن غيرها من الديانات الأخرى السماوية وغير السماوية ، فهي كل متكامل من عقيدة وعبادات ومعاملات وتشريعات وتوجيهات للأخلاق وللآداب العامة وللسلوك الإنساني الراقي.

  وقد اهتم الإسلام اهتماماً كبيراً بالأخلاق والقيم , اذ جعل من اهدافه الرئيسة العناية بخلق الانسان وتنميته  فالتربية الإسلامية تعنى بسلوك الفرد مع نفسه ومع الناس، وتحّثه على أداء العبادات، وعلى طهارة القلب والنفس والجوارح وتمنحه الوازع التي تدفعه للوصول إلى الخلق المتماسك , من خلال منظومة قيمية متكاملة تنظم حياة الانسان , وصولا لبناء مجتمع حي يستند إلى قيم ثابتة تخرجه من المفاسد والشرور التي يتسارع بالتأثر بها واتخاذها منهجا قيميا للحياة .

  ولأجل الوصول الى بناء مجتمع متماسك قيمي لابد لنا من العودة إلى التراث الإنساني بشكل عام , والتراث الإسلامي على وجه الخصوص ؛ كونه حافلا بالكثير من المربين الدينيين والاخلاقيين ، وفي مقدمتهم  نبي الرحمة(صلى الله عليه وآله) والإمام علي (ع)، فقد كانا مثالاً تستقى منهما الانسانية كل القيم التي تجسدت في شخصيتهما قولاً وفعلاً, فصارا مثالاً يُقتدى به ليس على مستوى الامة الإسلامية فحسب بل على الصعيد العالمي والإنساني .