الدكتور أمجد كريم الفاضل/ جامعة كربلاء – كلية العلوم الاسلامية
أقرأ وأسمع أحيانا محاولات لعدد من الأحبة الغيورين على وطنهم العراق .. يرومون فيها وضع برامج لاستثمار الزيارة الاربعينية تجاريا وصناعيا وزراعيا وسياسيا و..و..
وعلى الرغم من النيات الحسنة لهؤلاء الأحبة فإني أجد أن
كل محاولات السيطرة على زيارة الأربعين وإدارتها ولو لمصلحة العراق من حيث السياسة والاقتصاد والاستثمار الزراعي والصناعي والتجاري .. باءت بالفشل الذريع..
وقد فشلت أيضا كل محاولات مصادرتها من قبل كل جهة دينية أو سياسية .. فئوية أو حزبية .. فردية أو جماعية ..
هذا ليس استنتاجا.. بل واقع تابعته شخصيا ومن أرض الحدث طوال سبع عشرة سنة مضت ..
هذا على الرغم من عظمة المحاولات وعمق التخطيط فيها .. ومنها ما هو معروف ومنها ما هو خفي قدر الله سبحانه لي الإطلاع عليه .. وكلها فشلت ..
وهذا ما دفعني شخصيا الى التفكير العميق لأجد أخيرا .. أن الأربعين ليست مشروعا عمليا للناس ليتمكنوا منها إدارة وتوجيها..
الإمام الحسين عليه السلام له وريث شرعي وحيد .. وهو الطالب بثأره.. وهو الذي يدير التحشيد للزيارة وتوجيه قلوب المؤمنين نحو قبر الإمام الحسين عليه السلام لغرض تجديد العهد والميثاق والعقد والبيعة لأمر رباني عظيم قادم ..
تبدو أمامه حاجاتنا الاقتصادية والسياسية تبدو صغيرة حقيرة لأنها حاجات خدمية آنية عجزنا عن فعلها بسبب فسادنا وانحرافنا وتناحرنا وتفرقنا وجهلنا وجاهليتنا..
ولكن يبدو أن التغيير الذي يريده الوريث الشرعي الطالب بالثار هو أعظم مما نتصور بعقولنا البسيطة وعلومنا الساذجة مقارنة بعلمه الواسع وقدراته العظيمة ورؤيته لمستقبل البشرية كلها..
ويبدو لي أيضا أننا حبسنا الإمام الحسين عليه السلام في إطار ضيق من حاجاتنا وتدبيرنا قريب المسافة محدود الأفق ..
ويبدو لي كذلك أن المطلوب منا هو ما قرره إمامنا وريث العلم والوصية في النص الذي يعرف في أوساطنا بدعاء زمن الغيبة..
(حتى لا أنازعك في تدبيرك) .. أولسنا ننازعه في تدبيره حين نتولى التدبير بقصورنا وتقصيرنا؟! ..
فهل أبصرنا حقيقة أن لنا قائدا لا يحق لنا التقدم عليه ولا التأخر عنه؟ ..
وأننا العاجزون عن إدارة شؤوننا فكيف نطمح الى إدارة الزيارة الأربعينية التي هي من شؤون الله تعالى لأن الإمام الحسين عليه السلام هو ثأر الله؟! ..
ولا يمكن لأحد إدارة هذا الشأن وتوجيهه واستثماره سوى المنصّب من الله تعالى ؟! ..
هل أبصرنا هذه الحقيقة ؟! ..
عادة نسأل القائد ماذا يريد منا وما علينا أن نفعل إن كنا من أتباعه .. لا أن نقترح عليه ونخطط وندبر شؤونه بزعم أننا حكماء دونه ! ..
وحتما سنجد أوامره وخرائط تنفيذ تلك الأوامر في نصوصه الشريفة التي بعثها الينا ووصلتنا بوسائل متعددة .. تعج بها كتبنا القديمة ..
أما إذا لم نكن من أتباعه .. فهذا أدعى لترك الموضوع فإن أمره عليه السلام أحكم وأعظم من أن نخترقه أو نتدخل فيه ونحن العاجزون عن شؤوننا فنحن عن شؤونه أعجز .
إن الانخراط في برنامج الإمام القائد المعصوم هو أولى من محاولة تجاوزه لمن آمن .. ومن لم يؤمن فقد قال لنا إمامنا في التوقيع الذي خرج ابتداء والمعروف بال ياسين : (لا لأمره تعقلون ! ولا من أوليائه تقبلون!؟ حكمة بالغة فما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون؟!).