بقلم الاستاذ الدكتور ضرغام كريم الموسوي
حرمة معارضة القرآن الكريم
الخرائج و الجرائح: رُوِيَ أَنَّ ابْنَ أَبِي الْعَوْجَاءِ وَ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مِنَ الدَّهْرِيَّةِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يُعَارِضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رُبُعَ الْقُرْآنِ, وَ كَانُوا بِمَكَّةَ عَاهَدُوا عَلَى أَنْ يَجِيئُوا بِمُعَارَضَتِهِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ, فَلَمَّا حَالَ الْحَوْلُ وَ اجْتَمَعُوا فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ (عليه السّلام) أَيْضاً قَالَ أَحَدُهُمْ: إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ قَوْلَهُ Pوَ قِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَ يا سَماءُ أَقْلِعِي وَ غِيضَ الْماءُOهود(44) كَفَفْتُ عَنِ الْمُعَارَضَةِ. وَ قَالَ الْآخَرُ: وَ كَذَا أَنَا لَمَّا وَجَدْتُ قَوْلَهُ Pفَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّاOيوسف(80) أَيِسْتُ مِنَ الْمُعَارَضَةِ , وَ كَانُوا يُسِرُّونَ بِذَلِكَ إِذْ مَرَّ عَلَيْهِمُ الصَّادِقُ (عليه السّلام) فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ وَ قَرَأَ عَلَيْهِمْ Pقُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِOالاسراء(88), فَبُهِتُوا…)[1].
الإحتجاج: وَ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: اجْتَمَعَ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ , وَ أَبُو شَاكِرٍ الدَّيَصَانِيُ الزِّنْدِيقُ, وَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْبَصْرِيُّ, وَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ عِنْدَ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ يَسْتَهْزِءُونَ بِالْحَاجِّ وَ يَطْعَنُونَ بِالْقُرْآنِ, فَقَالَ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ: تَعَالَوْا نَنْقُضْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا رُبُعَ الْقُرْآنِ, وَ مِيعَادُنَا مِنْ قَابِلٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ نَجْتَمِعُ فِيهِ وَ قَدْ نَقَضْنَا الْقُرْآنَ كُلَّهُ, فَإِنَّ فِي نَقْضِ الْقُرْآنِ إِبْطَالَ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ , وَ فِي إِبْطَالِ نُبُوَّتِهِ إِبْطَالُ الْإِسْلَامِ , وَ إِثْبَاتُ مَا نَحْنُ فِيهِ فَاتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ وَ افْتَرَقُوا , فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ اجْتَمَعُوا عِنْدَ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ, فَقَالَ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ: أَمَّا أَنَا فَمُفَكِّرٌ مُنْذُ افْتَرَقْنَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ{فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا}يوسف(80) فَمَا أَقْدِرُ أَنَّ أَضُمَّ إِلَيْهَا فِي فَصَاحَتِهَا وَ جَمِيعِ مَعَانِيهَا شَيْئاً, فَشَغَلَتْنِي هَذِهِ الْآيَةُ عَنِ التَّفَكُّرِ فِيمَا سِوَاهَا, فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : وَ أَنَا مُنْذُ فَارَقْتُكُمْ مُفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الْآيَة ِ{ يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَ إِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَ الْمَطْلُوبُ}الحج(73), وَ لَمْ أَقْدِرْ عَلَى الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهَا فَقَالَ أَبُو شَاكِرٍ وَ أَنَا مُنْذُ فَارَقْتُكُمْ مُفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا}الانبياء(24), لَمْ أَقْدِرْ عَلَى الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهَا فَقَالَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ يَا قَوْمِ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ كَلَامِ الْبَشَرِ وَ أَنَا مُنْذُ فَارَقْتُكُمْ مُفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {وَ قِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَ يا سَماءُ أَقْلِعِي وَ غِيضَ الْماءُ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ وَ اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَ قِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} هود(44), وَ لَمْ أَبْلُغْ غَايَةَ الْمَعْرِفَةِ بِهَا وَ لَمْ أَقْدِرْ عَلَى الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهَا قَالَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ فَبَيْنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ إِذْ مَرَّ بِهِمْ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ (عليه السّلام) فَقَالَ {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}الاسراء(88), فَنَظَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ قَالُوا: لَئِنْ كَانَ لِلْإِسْلَامِ حَقِيقَةٌ لَمَا انْتَهَتْ أَمْرُ وَصِيَّةِ مُحَمَّدٍ إِلَّا إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ , وَ اللهِ مَا رَأَيْنَاهُ قَطُّ إِلَّا هِبْنَاهُ وَ اقْشَعَرَّتْ جُلُودُنَا لِهَيْبَتِهِ ثُمَّ تَفَرَّقُوا مُقِرِّينَ بِالْعَجْزِ[2].
[1] الخرائج و الجرائح، ج2، ص: 710.
[2] الإحتجاج على أهل اللجاج (للطبرسي) ؛ ج2 ؛ ص377.