من كتاب حرمة القرآن – استحباب التدبر في تلاوته والخشوع وحضور القلب – 1

حرمة القرآن - 84

من كتاب حرمة القرآن

بقلم الدكتور ضرغام كريم الموسوي – جامعة كربلاء كلية العلوم الاسلامية

استحباب التدبر في تلاوته والخشوع وحضور القلب

كتاب سليم بن قيس الهلالي: وَ عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ, عَنْ سُلَيْمٍ, قَالَ:‏ قَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ % يُقَالُ: لَهُ هَمَّامٌ‏, وَ كَانَ عَابِداً مُجْتَهِداً, فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صِفْ لِيَ الْمُؤْمِنِينَ, كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ, فَتَثَاقَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ % عَنْ جَوَابِهِ, ثُمَّ قَالَ %: (يَا هَمَّامُ اتَّقِ اللهَ وَ أَحْسِنْ ….. أَمَّا اللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ تَالِينَ لِأَجْزَاءِ الْقُرْآنِ يُرَتِّلُونَهُ تَرْتِيلًا, يُحَزِّنُونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ, وَ يَسْتَثِيرُونَ بِهِ دَوَاءَ دَائِهِمْ, وَ تَهَيُّجَ أَحْزَانِهِمْ بُكَاءً عَلَى ذُنُوبِهِمْ, وَ وَجَعِ كُلُومِ‏ جَوَانِحِهِمْ, فَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَشْوِيقٌ‏ رَكَنُوا إِلَيْهَا طَمَعاً,  وَ تَطَلَّعَتْ إِلَيْهَا أَنْفُسُهُمْ شَوْقاً, فَظَنُّوا أَنَّهَا نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ حَافِّينَ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ يُمَجِّدُونَ جَبَّاراً عَظِيماً, مُفْتَرِشِينَ جِبَاهَهُمْ, وَ أَكُفَّهُمْ, وَ رُكَبَهُمْ, وَ أَطْرَافَ أَقْدَامِهِمْ, تَجْرِي دُمُوعُهُمْ عَلَى خُدُودِهِمْ, يَجْأَرُونَ إِلَى اللهِ فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ مِنَ النَّارِ, وَ إِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ أَصْغَوْا إِلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ, وَ أَبْصَارِهِمْ, وَ اقْشَعَرَّتْ مِنْهَا جُلُودُهُمْ, وَ وَجِلَتْ مِنْهَا قُلُوبُهُمْ, وَ ظَنُّوا أَنَّ صَهِيلَ جَهَنَّمَ وَ زَفِيرَهَا وَ شَهِيقَهَا فِي أُصُولِ آذَانِهِم..)‏[1].

مصباح الشريعة: قَالَ الصَّادِقُ %:‏ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ , وَ لَمْ يَخْضَعْ لِلهِ , وَ لَمْ يَرِقَّ قَلْبُهُ, وَ لَا يُنْشِئُ حَزَناً ,وَ وَجَلًا فِي سِرِّهِ, فَقَدِ اسْتَهَانَ بِعِظَمِ شَأْنِ اللهِ تَعَالَى, وَ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً , فَقَارِئُ الْقُرْآنِ مُحْتَاجٌ إِلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: قَلْبٍ خَاشِعٍ, وَ بَدَنٍ فَارِغٍ, وَ مَوْضِعٍ خَالٍ, فَإِذَا خَشَعَ لِلهِ قَلْبُهُ فَرَّ مِنْهُ الشَّيْطَانُ الرَّجِيمُ, قَالَ اللهُ تَعَالَى‏ ƒفَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ‚‏ فَإِذَا تَفَرَّغَ نَفْسُهُ مِنَ الْأَسْبَابِ تَجَرَّدَ قَلْبُهُ لِلْقِرَاءَةِ, وَ لَا يَعْتَرِضُهُ عَارِضٌ فَيَحْرِمَهُ بَرَكَةَ نُورِ الْقُرْآنِ وَ فَوَائِدَهُ , فَإِذَا اتَّخَذَ مَجْلِساً خَالِياً, وَ اعْتَزَلَ عَنِ الْخَلْقِ بَعْدَ أَنْ أَتَى بِالْخَصْلَتَيْنِ خُضُوعِ الْقَلْبِ وَ فَرَاغِ الْبَدَنِ ,اسْتَأْنَسَ رُوحُهُ وَ سِرُّهُ بِاللهِ عَزَّ وَ جَلَّ, وَ وَجَدَ حَلَاوَةَ مُخَاطَبَاتِ اللهِ تَعَالَى عَزَّ وَ جَلَّ عِبَادَهُ الصَّالِحِينَ, وَ عَلِمَ لُطْفَهُ بِهِمْ, وَ مَقَامَ اخْتِصَاصِهِ لَهُمْ بِفُنُونِ كَرَامَاتِهِ, وَ بَدَائِعِ إِشَارَاتِهِ, فَإِنْ شَرِبَ كَأْساً مِنْ هَذَا الْمَشْرَبِ لَا يَخْتَارُ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ حَالًا وَ عَلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقْتاً , بَلْ يُؤْثِرُهُ عَلَى كُلِّ طَاعَةٍ وَ عِبَادَةٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ الْمُنَاجَاةَ مَعَ الرَّبِّ بِلَا وَاسِطَةٍ, فَانْظُرْ كَيْفَ تَقْرَأُ كِتَابَ رَبِّكَ, وَ مَنْشُورَ وَلَايَتِكَ, وَ كَيْفَ تُجِيبُ أَوَامِرَهُ, وَ تَجْتَنِبُ نَوَاهِيَهُ, وَ كَيْفَ تَتَمَثَّلُ حُدُودَهُ, فَإِنَّهُ كِتَابٌ عَزِيزٌ ƒلا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ‚ فصلت (42), فَرَتِّلْهُ تَرْتِيلًا, وَ قِفْ عِنْدَ وَعْدِهِ وَ وَعِيدِهِ, وَ تَفَكَّرْ فِي أَمْثَالِهِ وَ مَوَاعِظِهِ , وَ احْذَرْ أَنْ تَقَعَ مِنْ إِقَامَتِكَ حُرُوفَهُ فِي إِضَاعَةِ حُدُودِه‏[2].

تفسير العياشي: عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ %‏ فِي قَوْلِ اللهِ‏ ƒيَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ‏‚ البقرة(121), فَقَالَ %:  الْوُقُوفُ‏ عِنْدَ ذِكْرِ الْجَنَّةِ وَ النَّار[3].

الكافي : مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى, عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ, عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى, عَنْ سَمَاعَةَ, قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ %:‏ يَنْبَغِي لِمَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ فِيهَا مَسْأَلَةٌ أَوْ تَخْوِيفٌ أَنْ يَسْأَلَ اللهَ عِنْدَ ذَلِكَ خَيْرَ مَا يَرْجُو, وَ يَسْأَلَهُ الْعَافِيَةَ مِنَ النَّارِ وَ مِنَ الْعَذَابِ[4].

الكافي : عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ, عَنْ وَاصِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ % عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَ جَلَّƒوَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا‚المزمل(4), قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ %: بَيِّنْهُ تِبْيَاناً, وَ لَا تَهُذَّهُ هَذَّ الشِّعْرِ, وَ لَا تَنْثُرْهُ نَثْرَ الرَّمْلِ,‏ وَ لَكِنْ أَفْزِعُوا قُلُوبَكُمُ الْقَاسِيَةَ, وَ لَا يَكُنْ هَمُّ أَحَدِكُمْ آخِرَ السُّورَةِ[5].


[1] كتاب سليم بن قيس الهلالي ؛ ج‏2 ؛ ص849- 850.

[2] مصباح الشريعة، ص28- 29.

[3] تفسير العياشي، ج‏1، ص: 57.

[4] الكافي (ط – الإسلامية) ؛ ج‏3 ؛ ص301ح 1.

[5] الكافي (ط – الإسلامية) ؛ ج‏2 ؛ ص614ح1.