م.م زينب حميد كاظم – جامعة كربلاء – كلية العلوم الاسلامية – قسم الدراسات القرآنية
ان الحديث عن اصحاب الامام الحسين عليه السلام هو حديث عن رجال لم ينجب التاريخ مثلهم، يمتلكون من الوعي ما قل توفره في مكان وزمان، فهم حقيقة ابطال يعجز الواصفون عن وصفهم، فكانوا مصداقاً لقول الإمام الحسين عليه السلام: (من كان باذلاً فينا مهجته موطناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا ) فقد آثروا الموت مع الامام الحسين عليه السلام والدفاع عن الدين على الحياة مع الظالمين.
حتى بلغوا من العظمة اعلى درجات الوفاء والتضحية في سبيل العقيدة، حيث قدموا انفسهم بين يدي الامام الحسين عليه السلام في سبيل الله تعالى واخلاصا ووفاءً للدين والعقيدة، فبالرغم من قلتهم وكثرة عدوهم الا انهم قد حيروا العقول وادهشوا الاعداء بشجاعتهم واصرارهم على الدفاع عن الحق و الامامة ورفض الظلم والجور، حتى وصفهم الاعداء بالشجاعة والباس الشديد، فقد قال عمرو بن الحجاج مخاطبا اصحابه: (أتدرون من تقاتلون ؟ تقاتلون فرسان المصر وأهل البصائر وقوماً مستميتين لا يبرز إليهم أحدٌ منكم إلا قتلوه على قلتهم لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم).
كان قتالهم مع الامام الحسين عليه السلام مرتكز على عقيدة خالصة لا تشوبها شائبة رجال امتحن الله قلوبهم بالإيمان فلم يكن دافعهم لنصرة إمامهم لعصبية قبلية أو لأغراض نفعية بل إنهم دخلوا الحرب وهم يعلمون أنهم سينالون الشهادة وتيقنت أنفسهم بالموت مع الامام الحسين عليه السلام فقد أوقفهم عليه السلام على مصيرهم معه بقوله : (خُط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة وما أولهني الى أسلافي اشتياق يعقوب الى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه كأني بأوصالي تقطّعها عُسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء فيملأن مني أكراشاً جوفاً وأكرشةً سغباً لا محيص عن يوم خُط بالقلم ).
فقد كانوا يستأنسون بالموت مع الامام الحسين عليه السلام، حتى قال برير بن خضير: (يا ابن رسول الله، لقد منّ الله بك علينا أن نقاتل بين يديك تقطع فيك أعضاؤنا، ثم يكون جدك شفيعنا يوم القيامة) .
حتى قال عنهم الامام الحسين عليه السلام: (والله ما رأيت أصحابا كأصحابي)
ويمكن اخذ الدروس والعبر من هذه الثلة المباركة من خلال كيفية اختيار الاصحاب وان يكون الاختيار مبني على العقيدة وان يكون الصاحب مقربا الى الله تعالى قوي العقيدة والايمان، مشجعا وعاملا على التمهيد لنصرة الامام المهدي عجل الله فرجه مقتديا بأصحاب الامام الحسين عليه السلام، طالبا الاخذ بثأر الامام الحسين عليه السلام.