الامام علي الهادي وَصِىِّ الاَوْصِياءِ وَإمامِ الاَتْقِياءِ

الإمام-الهادي.jpg

اعداد : م.م حسن عبدالهادي رشيد     للجنة احياء الشعائر الإسلامية

الإمام علي الهادي عليه السلام، (212 – 254 هـ) هو علي بن محمد بن علي بن موسى، عاشرُ أئمة الشيعة الإمامية والمعروف بالنقي والهادي،

ولد الإمام عليه السلام حسب رواية كل من الكليني والشيخ المفيد والشيخ الطوسي وابن الأثير بـصُريا – قرية أسسها الإمام موسى بن جعفر عليه السلام – على ثلاثة أميال من المدينة، في 15 ذي الحجة وقيل في الثاني من شهر رجب وقيل في الخامس من شهر رجب سنة 212هـ

والده الإمام محمد الجواد عليه السلام تاسع أئمة الشيعة، وأمّه أمّ ولد يقال لها سمانة المغربية أو سوسن.

يلقب هو وابنه الحسن بـالعسكريين، وإنّما لقّبا بذلك لفرض السلطة العباسية الإقامة الجبرية عليهما في سامراء التي كانت يومها معسكراً للجند.

ومن ألقابه التي تعبّر عن مُحيّاه الكريم وسيرته الزكيّة؛ النجيب والمرتضى والهادي والنقي والعالم والفقيه والأمين والمؤتمن والطيب والمتوكل.

 يكنى بأبي الحسن الثالث، وأبي الحسن الأخير تمييزاً له عن الإمام الكاظم عليه السلام المكنى بأبي الحسن الأوّل وعن الإمام الرضاعليه السلام المكنى بأبي الحسن الثاني.

وكان نقش خاتمه: «الله ربّي وهو عصمتي من خلقه»

وقد امتدت إمامته 34 عاماً منذ وفاة أبيه الجواد (ع) سنة 220 هجرية حتى رحيله سنة 254 هجرية. قضى أكثر سنوات إمامته في مدينة سامراء، وكان ذلك بأمر من المتوكل العباسي.

كانت علاقة الإمام الهادي (ع) بـشيعته عبر وكلائه في مؤسسة الوكالة لاسباب متنوعة منها الإقامة الجبرية التي فرضها الحكام العباسيين  اذ  قام المتوكّل العباسي بعد ان بلغه ما لمقام الامام علي الهادي بالمدينة ومكانته عندهم ، وميل الناس إليه، فخاف منه، فدعى يحيى بن هرثمة، وقال: إذهب إلى المدينة، وانظر في حاله وأشخصه إلينا…، فأكرمه المتوكل وأحسن جائزته وأجزل برّه، وأنزله معه سامراء.

ومع انّ الامام كان يعيش في نفس البلد الّذي يسكن فيه المتوكل، وكانت العيون والجواسيس يراقبونه عن كثب، وشي إلى المتوكل بعلي بن محمّد أن في منزله كتباً وسلاحاً من شيعته من أهل قم وأنّه عازم بالوثوب بالدولة، فبعث إليه جماعة من الأتراك، فهاجموا داره ليلا فلم يجدوا فيها شيئاً، ووجدوه في بيت مغلق عليه وعليه مدرعة من صوف وهو جالس على الرمل والحصى وهو متوجّه إلى اللّه تعالى يتلو آيات من القرآن، فحمل على حاله تلك، إلى المتوكل، قالوا للمتوكل: لم نجد في بيته شيئاً ووجدناه يقرأ القرآن مستقبل القبلة، وكان المتوكل جالساً في مجلس الشراب فاُدخل عليه والكأس في يد المتوكل، فلمّا رآه هابه وعظمه وأجلسه إلى جانبه، وناوله الكأس الّتي كانت في يده، فقال: واللّه ما خامر لحمي ودمي قط، فاعفني، فأعفاه، فقال له: أنشدني شعراً، فقال علي: أنا قليل الرواية للشعر، فقال: لابد، فأنشده وهو جالس عنده:

باتوا على قلل الأجبال تحرسهم *** غلب الرجال فما أغنتهم القلل

واستنلزوا بعد عزّ من معاقلهم *** واُسْكِنُوا حُفراً يابئس ما نزلوا

ناداهم صارخ من بعد دفنهم *** أين الأسرّة والتيجان والحلل

أين الوجوه الّتي كانت منعّمة *** من دونها تضرب الأستار واللكل

فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم *** تلك الوجوه عليها الدود يقتتل

قد طال ما أكلوا دهراً وما شربوا *** فأصبحوا بعد طول الأكل قد اُكِلوا

فبكى المتوكّل حتّى بلّتً لحيته دموع عينه وبكى الحاضرون ورفع إلى علي أربعة آلاف دينار ثمّ ردّه إلى منزله مكرماً

وسجّلت المصادر الحديثية الكثير من الأحاديث المروية عنه في مجال تفسير القرآن والفقه والأخلاق بالإضافة إلى الزيارة الجامعة التي تحتوي مضامين عقدية، وزيارة الامام امير المؤمنين علي  -ع- في يوم عيد الغدير  وما تضمنته تلك الاثار المباركة من معارف عقدية عميقة سامية ..

ولأجل إيقاف القارئ على نمط خاص من تفسير الامام نأتي بنموذج من تفسيره: قدم إلى المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة، فأراد أن يقيم عليه الحد، فأسلم، فقال يحيى بن أكثم: الايمان يمحو ما قبله، وقال بعضهم: يضرب ثلاثة حدود، فكتب المتوكّل إلى الامام الهادي يسأله، فلمّا قرأ الكتاب، كتب: يضرب حتّى يموت، فأنكر الفقهاء ذلك فكتب إليه يسأله عن العلّة، فكتب: بسم اللّه الرحمن الرحيم﴿ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ ﴾ ، فأمر به المتوكّل فضرب حتّى مات .

قبض عليه السلام مسموما بـسر من رأى في يوم الاثنين المصادف الثالث من رجب سنة 254 ه‍،…

وممن نص على أنّه عليه السلام مات مسموماً أو نقل القول في ذلك: الشبلنجي وابن الصباغ المالكي والشيخ أبو جعفر الطبري، والشيخ إبراهيم الكفعمي في المصباح وغيرهم، ونص الأخير على أن الذي سمّه هو المعتز.

وخرجت الجنازة، وخرج الإمام الحسن العسكري عليه السلام يمشي حتى أخرج بها إلى الشارع الذي إزاء دار موسى بن بغا. وقد كان الإمام أبو محمد العسكري عليه السلام قد صلّى عليه قبل أن يخرج إلى الناس، ودفن في بيتٍ من دوره .

 وخلّف من الولد أبا محمّد الحسن ابنه هو الإمام من بعده والحسين ومحمّد وجعفر وابنته عائشة ..

ومرقد الإمام الهادي مع ابنه الإمام العسكري (ع) في سامراء ویُعرف بـحرم العسكريين  …

ومن أقواله وحِكَمه المأثورة: (أبقوا النِّعم بحسن مجاورتها والتمسوا الزيادة فيها بالشكر عليها) و(لا تطلب الصفاء ممن كدَّرت عليه عيشه، ولا الوفاء ممن غدرت به، ولا النصح ممن صرفت سوء ظنك إليه فإنما قلب غيرك لك كقلبك له).

(فالسلام على الإمام الهادي (عليه السلام) يوم ولد ويوم مات ويوم يُبْعَثُ حياً). والحمد لله رب العالمين

لجنة احياء الشعائر الإسلامية / كلية العلوم الإسلامية