من كتاب شرح حكم نهج البلاغة للمؤلف الشيخ عباس القمي
أخبر تقله (1) -. [2]
قال الرضيّ (ره) : و من الناس من يروي هذا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و ممّا يقوّي أنّه من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ما حكاه ثعلب، قال: حدّثنا ابن الأعرابيّ قال: قال المأمون: لو لا أنّ عليّا عليه السلام قال: أخبر تقله لقلت أنا: أقله تخبر (2) -. [3]
المعنى: اخبر الناس و جرّبهم تبغضهم، فإنّ التجربة تكشف لك عن مساويهم و سوء أخلاقهم، فضرب مثلا لمن يظنّ به الخير و ليس هناك.
قيل: طيّروا الدم في وجوه الشباب، فإن حلموا و أحسنوا الجواب فهم هم، و إلاّ فلا تطمعوا فيهم. [4]
طيّروا الدم في وجوه الشباب، أي أغضبوهم، لأنّ الغضبان يحمّر وجهه.
قال الشاعر:
ذممتك أوّلا حتّى إذا ما # بلوت سواك عاد الذمّ حمدا
و لم أحمدك من خير و لكن # وجدت سواك شرّا منك جدّا
فعدت إليك مضطرّا ذليلا # لأنّي لم أجد من ذاك بدّا
كمجهود تحامى أكل ميت # فلمّا اضطرّ عاد إليه شدّا
[1] شرح ابن أبي الحديد 20-79.
[2] نهج البلاغة، الحكمة 434. قلاه يقليه قلى-بالكسر-و قلاء-بالفتح- أبغضه. و الهاء مزيدة للسكت. (شرح ابن ميثم 5-452) .
[3] نهج البلاغة، ص 553.
[4] شرح ابن أبي الحديد 20-80.
أولى النّاس بالكرم من عرّقت فيه الكرام (1) -. [2]
عرّقت أي ضربت عروقه في الكرم، أي له سلف و آباء كرام.
قال البحتريّ:
و أرى النجابة لا يكون تمامها # لنجيب قوم ليس بابن نجيب
إذا كان في رجل خلّة رائقة[رائعة-خ ل]، فانتظروا منه أخواتها (2) -. [4]
مثال ذلك إنسان مستور الحال عنّا رأيناه و قد صدرت عنه حركة تروعك و تعجبك، إمّا لحسنها أو لقبحها، فينبغي أن ينتظر و يترقّب منه أخوات ما وقع منه، و ذلك لأنّ العقل و الطبيعة التي فيه المحرّكة له إلى فعل تلك الحركة، لا بدّ أن تحرّكه إلى فعل ما يناسبها، لأنّها ما دعته إلى فعل تلك الحركة لخصوصيّة تلك الحركة، بل لما فيها من المعنى المقتضي وقوعها، و هذا يتعدّى إلى غيرها ممّا يجانسها، و لذلك لا ترى أحدا قد شرب الخمر إلاّ و سوف يشربها فيما بعد، و بالعكس في الأمور الحسنة.
[1] شرح ابن أبي الحديد 20-81.
[2] في نهج البلاغة، الحكمة 436: من عرفت به الكرام.
[3] ديوان البحتريّ 1-170.
[4] نهج البلاغة، الحكمة 445. و ليست كلمة «منه» في النهج.