شرح حكم نهج البلاغة –  53

من كتاب شرح حكم نهج البلاغة للمؤلف الشيخ عباس القمي

الدّنيا دار ممرّ لا در مقرّ، و النّاس فيها رجلان:

رجل باع نفسه‌ [2] فأوبقها، و رجل ابتاع نفسه

فأعتقها (1) -. [1]

أوبقها ، أي أهلكها (2) -، و كون الدّنيا دار ممرّ باعتبار أنّها طريق إلى الآخرة الّتي هي دار المقرّ.

الدّاعي بلا عمل كالرّامي بلا وتر (3) -. [2]

من خلا من العمل فقد أخلّ بالواجبات، و من أخلّ بالواجبات فقد فسق، و اللّه تعالى لا يقبل دعاء الفاسق.

و شبّهه بالرامي بلا وتر، فإنّ سهمه لا ينفذ. [3]

و نحوه قول الرسول صلّى اللّه عليه و آله: أحمق الناس من ترك العمل و تمنّى على اللّه. [4]

الدّهر يومان: يوم لك، و يوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، و إذا كان عليك فاصبر (4) -. [5]

قد ذكر هذا المعنى في كلمات الفصحاء و أشعار الشعراء كثيرا، فمن كلامهم: الدهر يومان: يوم بلاء، و يوم رخاء. و الدهر ضربان:حبرة [1] و عبرة. و الدّهر وقتان: وقت سرور، [2] و وقت ثبور. [3]

و من أشعارهم: [4]

فيوم علينا و يوم لنا # فيوم نساء و يوم نسرّ

و قال آخر:

هي طورا هجر و طورا وصال # ما أمرّ الدّنيا و ما أحلاها

إلى غير ذلك.


[2] في النهج: باع فيها نفسه.


[1] نهج البلاغة، الحكمة 133.

[2] نهج البلاغة، الحكمة 337.

[3] شرح ابن أبي الحديد 19-252.

[4] شرح ابن ميثم 5-408.

[5] نهج البلاغة، الحكمة 396.


[1] الحبرة: السرور و النعمة.

[2] الثبور: الهلاك.

[3] شرح ابن أبي الحديد 19-364.

[4] العقد الفريد 3-59.