شرح حكم نهج البلاغة –  54

من كتاب شرح حكم نهج البلاغة للمؤلف الشيخ عباس القمي

الدّنيا خلقت لغيرها، و لم تخلق لنفسها (1) -. [5]

أي خلقت للاستعداد فيها و بها لدرك ثواب اللّه في الآخرة، لا ليلتذّ بها الجاهلون.

قال أبو العلاء المعرّيّ-مع ما كان يرمى به:

خلق الناس للبقاء فضلّت # أمّة يحسبونهم للنّفاد

إنّما ينقلون من دار أعما # ل إلى دار شقوة أو رشاد

[6]

رأي الشّيخ أحبّ إليّ من جلد الغلام. و يروى: من مشهد الغلام (1) -. [1]

جلد الغلام‌ : قوّته. و خصّ الرأي بالشيخ، و الجلد بالغلام لأنّ كلاّ منهما مظنّة ما خصّه به، و إنّما قال: «رأي الشيخ أحبّ إليّ من جلد الغلام» لأنّ الشيخ كثير التجربة، فيبلغ من العدوّ برأيه ما لا يبلغ بشجاعته الغلام الحدث غير المجرّب، لأنّه قد يغرّر بنفسه فيهلك و يهلك أصحابه، و لا ريب أنّ الرأي مقدّم على الشجاعة، و لذلك قال أبو الطيّب: [2]

الرأي قبل شجاعة الشّجعان # هو أوّل و هي المحلّ الثاني‌ فإذا هما اجتمعا لنفس مرّة # بلغت من العلياء كلّ مكان‌


[5] نهج البلاغة، الحكمة 463.

[6] شرح التنوير على سقط الزند 1-306.

[1] نهج البلاغة، الحكمة 86.

[2] ديوانه بشرح البرقوقي 4-389.