
بقلم الدكتورة مواهب الخطيب /جامعة كربلاء-كلية العلوم الاسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم
( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ( )
( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ( )
وعن الإمام علي ( عليه السلام ) قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه واله
فقال : اخبروني أي شئ خير للنساء فعيينا بذلك حتى تفرقنا فرجعت إلى فاطمة فأخبرتها بالذي قاله لنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وليس أحد منا علمه فقالت: ولكني أعرفه ، فقالت : ( خير للنساء ان لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال ) فرجعت إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقلت : يا رسول الله سألتنا عن أي شئ خير للنساء وخير لهن ان لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال فقال : من أخبرك أفلم تعلمه وأنت عندي ، فقلت فاطمة فأعجب ذلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقال : ان فاطمة بضعة مني .
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في رسالته إلى الحسن ( عليه السلام ) (وأكفف عليهن من أبصارهن بحجابك إياه ، فان شدة الحجاب خير لك ولهن من الارتياب ، وليس خروجهن بأشد من دخول من لا يوثق به عليهن )
مافتئ الحجاب من المواضيع المهمة التي تمثل احد هموم المسلمين،ولذلك فلسفة واثار نوجزها فيما يلي
1. الحجاب والصحة النفسية للأسرة والمجتمع
فلسفة الحجاب والتستر في الإسلام هي حماية نظام الأسرة من التفكك ، وحماية أفرادها من الأخطار والأذى النفسي الناتج عن السلوك غير المقيد. فأن حرية المرأة في إظهار جمال أنوثتها له آثار مدمرة على للأسرة وخاصة على نفسها فالتبرج يؤدي إلى الدخول في تنافسية ينتج عنها نساء يعانين من ضغوط نفسية)( ) فمن فوائد الحجاب حمايته للصحة النفسية لأنه يحفظ المرأة من النظرات الشهواني التي توقعها في فخ الإطراء للاستدراج إلى علاقات حرة ، وتهدد إخلاصها لعفتها،فشيوع عدم ارتداء الحجاب يؤدي لعدم الانضباط ،وبدلاً من اهتمام الرجال بزوجاتهم وحبهم ، يبحثون عن اللذة في الشوارع والأسواق ويختفي الحب والاهتمام بين الزوجين ويسبب انهيار الأسرة.
لا شك أن المجتمع يتمتع بصحة كاملة إذا كانت الأسرة ، كجزء صغير من ذلك المجتمع ، تتمتع بصحة وقوة كاملة وكافية ، لذلك إذا أردنا تعزيز أسس المجتمع ، يجب علينا استخدام كل قوانا في اتجاه حصانة الأسرة من المؤثرات الهدامة ولاريب أن التبرج والاغواء من أسباب تفكك الأسرة في جميع المجتمعات على اختلاف نحلها واديانها.
لايخفى أن من عواقب عدم مراعاة العفة والحجاب الطلاق والانفصال وتفكك نظام الأسرة ،فحين تخرج المراة في الشارع والسوق والمكتب والمدرسة متبرجة تكون فرصة للمقارنة بينها وبين الزوجة ويصبح هذا مقدمة لتدمير أساس الأسرة بالإضافة إلى ذلك ، يجب القول أن المرأة التي ترتدي الحجاب لم تتخذ الخطوة الأولى في الحفاظ على القلب الدافئ للأسرة فقط ، ولكنها ضمنت أيضًا كرامتها وحمت نفسها من المضايقات التي تضرب قلب العائلة لا شك أن كل ما يقوي الرابطة الأسرية ويؤدي إلى الألفة بين الزوجين يعود بالفائدة الأسرة والعكس صحيح.
2. الحجاب عامل مؤثر في الصحة الجنسية
تشير الدراسات العلمية بانه كلما زاد عدد النساء المتبرجات في الأماكن العامة ، كلما كانت العلاقة الحميمة للأزواج اكثر برودا ،يفحص روجي في دراسته تأثير جاذبية المرأة على إدراك الرجال ويخلص إلى أن عدم مراعاة الحجاب والعرض المفرط للمرأة يغير إدراك الرجال وفهمهم لجمال المرأة. ووفقًا للباحثة باكنجاد (كلما زاد عدد النساء المتبرجات أمام قل مستوى إدراكهم الجنسي وأصبح شغفهم وحبهم وجاذبيتهم) ( ). إن فقدان المتعة الجنسية في العلاقة بين الزوج والزوجة له آثار ضارة على العلاقات الأسرية ويؤدي إلى التوتر والانفصال( )يريد الإسلام تطهير البيئة الاجتماعية من مثل هذه الملذات بالحجاب والستر ، ويجب أن تكون الملذات الجنسية داخل الأسرة فقط ومع الزواج الشرعي
3. اثر الحجاب على اقتصاد الأسرة والمجتمع
من الآثار الجانبية الأخرى لعدم ارتداء الحجاب هو الاهتمام بالموضة والاستخدام المفرط لمستحضرات التجميل واللجوء إلى أشياء مثل الجراحة التجميلية لتكون أكثر جمالا ونتيجة لذلك إنفاق الكثير من المال الذي لا يستطيع كثير من الرجال تحمله وإحدى هاتين النتيجتين تسبب حربًا ونزاعًا مستمرين بين الزوج والزوجة ؛ لأن الرجال غالبًا ما يكونون غير قادرين على دفع مثل هذه النفقات الفاحشة ، وحتى إذا كان الرجل قادرًا على دفعها ، فهذا لا يرضيه ؛ لأنه يرى أنه يتعين عليه دفع الكثير من المال لزوجته لتظهر نفسها في الأماكن العامة ، فهو يعاني ويتردد في دفعها و المرأة حزينة لأنها لا تملكها. كل هذا ليس له نتيجة سوى الضغط النفسي على الأسرة( ) لذلك فإن الحجاب عامل مؤثر جدا في اختيار الملابس النسائية البسيطة ويقلل من مظهر الترف والرفاهية.
4-الحجاب والهوية والعولمة
الحجاب وسيلة لتأكيد الهوية في عصر العَولَمة بغض النظر عن هوية المجتمع الذي يعايشه سواء كان دينيا أو علمانيا، مسيحيا أو مسلما، فهل الحجاب رمز لتقليد أو مجرد أكسسوار .هكذا يتحوَّل الحجاب إلى موضوع للجدل، ومصدر لسوء الفهم. لكنه في حقيقة الأمر أكثر من ذلك. ففي الانترنت، تقوم ناشطات بفتح مواقع الكترونية ومنتديات أو تسجيل فيديوهات لإعطاء نصائح وارشادات حول طريقة وضع الحجاب. وبدأ مصممو أزياء بتصميم حجابات على الموضة. وحسب رأي علماء اجتماع الأديان المعاصرين، فإن هذه الرؤية الجديدة للحجاب مرتبطة بالعولمة.
ان ارتداء الحجاب ممارسة اختيارية في جميع الدول. ومع ذلك يتم وضع مشاريع سياسية على لنوع من الحجاب الاستهلاكي الجديد الذي يمثل نوع من الموضى لمداهنة المجتمعات التي تمسكت بتراثها وبنفس الوقت خاضعة للاستضعاف الفكري واغتيال القيم من خلال عصرنة ماهو موروثة بجعله مساوقاً لما يبث من نتاج مادي استهلاكي ينعش السوق الاقتصادي في هذه الدول المستهدفة ،فلذلك يجب أن نفهم هذه الخطط التي لا تعلن محاربتها للحجاب لكنها تشجع على نوع حجاب اكثر اغراء من التبذل وحريا بنا فهم القواعد للاستغلال الاقتصادي واستعمار المجتمعات وإذابت القيم والضوابط وتسييل الثوابت الاصيلة من اجل الوصول إلى واقع نفعي براغماتي يصب في صالح المستثمرين فان المراة لاهثة وراء ابراز جمال يماشي الموضى وان جاء ذلك على حساب قيمها الدينية وموروثها الثقافي
نتيجة وختام
بحسب ما تقدم ، فقد تبين أن للحجاب أثر مهم وكبير في تحسين الحياة الأسرية والمجتمعية للناس. ولهذا يجب على أفراد المجتمع الالتزام بالحجاب للعمل بما يتماشى مع صحة الأسرة وبالتالي صحة المجتمع والحفاظ عليه
المصادر:
1- الحر العاملي في تفصيل وسائل الشيعة في دراسة قضايا الشريعة. قم: معهد البيت لاهيا التراث 1416 هـ المجلد 2.
2- باكنجاد ، سيد رضا ، الجامعة الأولى ، منشورات شهيد بق نجاد الثقافية ، 1365.
3- حداد عادل ، غلام علي ، والعري الثقافي منشورات سروش ، 1363.
4-الرجبي ، عباس ، الحجاب ودوره في الصحة النفسية ،منشورات البحوث ، 1390.