رحلة في الآفاق -ج1

تحقيق وإعداد :الدكتورة مواهب الخطيب
ملخص :
تشكل حادثة الإسراء والمعراج احد المعاجز للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ويعد الإيمان بتفاصيلها بما اخبر به القرآن ورسول الله من الأمور الغيبية الثابتة التي يجب التصديق بها حيث اسرى الله بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثُمَّ عرج به على البراق إلى الملآ الأعلى عند سدرة المنتهى وعاد بعد ذلك في نفس الليلة،وقد تمت هذه الرحلة بالروح والجسد معاً و تجاوزت حدود الزمان والمكان فصلى بالأنبياء إمامًا وصار الدين عند الله الإسلام الذي ختمت به الشرائع،في هذه الورقة العلمية نتعرف على الإسراء والمعراج في ضوء آيات القران الشريفة ونتلمس الغاية منها ونأنس بلمساتها البيانية ونرتشف رشفة من بعض ما حدث به رسول الله عن مرئياته في معراجه ثُمَّ نتعرف على ما جاء في تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي مقارنة بما حدث به ابناء العامة حول أهم المسائل العقدية المترتبة على الإسراء والمعراج منها إمكانية رؤية الباري جل ثنائه وكذا عالم الملكوت بما فيه من جنة ونار وحياة الأنبياء ومناقشة الاراء حول مسائلة العروج روحا او جسدا او رؤية منامية .وقد حاولنا الاختصار لان البحث جله في التفاسير روائي لا كلامي او فلسفي ثُمَّ نختم ورقتنا بحل إشكالية معاصرة يطرقها الشباب وهي انسجام العلم مع إمكان حدوث الإسراء والمعراج نسال الله ورسوله ان يتقبلوا هذا القليل
الكلمات المفتاحية :الإسراء والمعراج
1. الإسراء والمعراج في اللغة
الإسراء : هو السير في الليل؛ قال في مختار الصحاح سرى” يسري بالكسر “سُرًى”
بالضم و”مَسرًى” بالفتح و”أَسَرى” أي: سار ليلًا؛ وبالألف لغة أهل الحجاز( )والمعراج: هو السُّلَّم؛ وعَرَجَ في السُّلَّم: ارتقى( )
2.في الاصطلاح
اشتُهر إطلاق أحد الاسمين ” الإسراء والمعراج” على ما يعم مدلوليهما، وهو:”سيره صلى الله عليه واله وسلم ليلاً إلى أمكنة مخصوصة على وجهٍ خارِقٍ للعادة”، فهذا أمر كلي يشمل مدلوليهما فإذا ذكروا “المعراج” فماردهم ما يشمل “الإسراء ليلا”( )
ورد في القران الكريم: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}(الإسراء/1)، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}(الفجر/4).
أولا:الآيات التي تحدثت عن رحلة الإسراء والمعراج
أ.في سورة الإسراء : {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}(الإسراء/1).
ب.في سورة النجم: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}(النجم1-18)
ثانيا :رحلة الإسراء والمعراج في تفسير الميزان
أ.أين يكمن البحث في تفسير الميزان
ينقل العلامة بحثا روائيا يحكي فيه تفاصيل حادثة اسراء ومعراج الرسول في المواضع( )
ب. الغاية من رحلة الإسراء والمعراج
{لنريه من آياتناlt بيان غاية الإسراء وهى إراءة بعض الآيات الإلهية – لمكان – من وفي السياق دلاله على عظمة هذه الآيات التي أراها الله سبحانه كما صرح به في موضع آخر من كلامه يذكر فيه حديث المعراج( ) بقوله: gtلقد رأى من آيات ربه الكبرىوآيات صدر سوره النجم تؤيد ما في الرواية من وقوع المعراج مرتينlt ( )
وفي جواب ان المعراج جاء بناء على استنكار كونه نبي وطلب إثباته بالمعجزة راجع الآيات ( ) حيث يشابه تعالى طلب المشركين للنبي بالرقي إلى السماء والإتيان بكتاب بما طلب من موسى عليه السلام بالإتيان بالآيات ومع الآتيان لم يؤمنوا ،فأجابهم الرسول ان الأمر هو ليس مني واحتج بقدرة الله على كل شي وقارنه بما لخلق الأكبر للسموات والأرض بقدرة الله وإما استنكارهم لبشرية الرسل فأجابه الآيات انه لو أرسل ملائكة لصبوا في قالب بشري لترونهم .
د.التفسير الروائي لمعجزة الإسراء والمعراج
في تفسير القمي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء جبرئيل وميكائيل وإسرافيل بالبراق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاخذ واحد باللجام وواحد بالركاب – وسوى الأخر عليه ثيابه فتضعضعت البراق فلطمها جبرائيل ثم قال لها: اسكني يا براق فما ركبك نبي قبله ولا يركبك بعده مثله قال: فرفت به ورفعته ارتفاعا ليس بالكثير ومعه جبرئيل يريه الآيات من السماء والأرض، قال: فبينا انا في مسيري إذ نادى مناد عن يميني: يا محمد فلم أجبه ولم التفت إليه ثم نادى مناد عن يسارى: يا محمد فلم أجبه ولم التفت إليه ثم استقبلتني امرأة كاشفه عن ذراعيها عليها من كل زينة الدنيا فقالت: يا محمد انظرني حتى أكلمك فلم التفت إليها ثم سرت فسمعت صوتا أفزعني فجاوزت فنزل بي جبرئيل فقال: صل فصليت فقال: تدرى أين صليت قلت: لا، فقال: صليت بطور سيناء حيث كلم الله موسى تكليما ثم ركبت فمضينا ما شاء الله ثم قال لي: انزل فصل فنزلت وصليت فقال لي: تدرى أين صليت فقلت: لا، قال: صليت في بيت لحم، وبيت لحم بناحية بيت المقدس حيث ولد عيسى بن مريم،ثم ركبت فمضينا حتى انتهينا إلى بيت المقدس فربطت البراق بالحلقة التي كانت الأنبياء تربط بها فدخلت المسجد ومعي جبرئيل إلى جنبي فوجدنا إبراهيم وموسى وعيسى فيمن شاء الله من أنبياء الله عليهم السلام فقد جمعوا إلى وأقيمت الصلاة ولا أشك الا وجبرئيل سيتقدمنا فلما استووا اخذ جبرئيل بعضدي فقدمني وأممتهم ولا فخر.( )
ثالثا :رحلة الإسراء والمعراج بحث مقارن بين الشيعة وجانب من تفاسير العامة
أ.اللمسات البيانية في آيات الإسراء والمعراج
1.تناسب أول السورة مع سابقتها التي تنتهي بنيل المحسنون اعلي مراتب القرب ومعية الله gtإِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَlt سورة النحل128فياتي في الاسراء 1 gtسُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًاlt
2. حديثه في سورة النحل الاية 124 عن بني إسرائيل gtإِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَlt وتكلمه عنهم في سورة الاسراء gtوَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًاlt
3.حفت السورة بالتسبيح وتكراره كما في الايات (1-43-44-108-93)وذلك ينبا عن تعجب من عظم القدرة الالهي وانتهائها بالحمد والتكبير gtوَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا