بقلم م.م حسن عبدالهادي رشيد – جامعة كربلاء – كلية العلوم الاسلامية
تَصَاعَدَتْ نِسْبَةُ اَلْمَشَاكِلِ اَلْأُسَرِيَّةِ إِلَى مُسْتَوَى مَا يُصْطَلَحُ عَلَيْهِ بِالْعُنْفِ اَلْأُسَرِيِّ وَاَلَّذِي يَتَمَثَّلُ بِالضَّرْبِ اَلْمُبَرِّحِ اَلَّذِي يَبْلُغُ إِلَى صُورَةِ اَلْإِدْمَاءِ وَالْكَدَمَاتِ وَالْكَسْرِ بِأَحَدِ أَعْضَاءِ اَلْبَدَنِ وَقَدْ تَنْتَهِي اَلْأُمُورُ أَحْيِانا إِلَى اِرْتِكَابِ جَرِيمَةِ اَلْقَتْلِ كَمَا شَاهَدْنَا عِدَّةُ حَالَاتٍ تَمَّ تَدَاوُلُهَا فِي مَوَاقِعِ اَلتَّوَاصُلِ وَاَلَّتِي أَثَارَتْ غَضَبَ اَلْمُجْتَمَعِ وَسُخْطِهِ . . . وَحَتْمًا أَنَّ حَالَاتِ اَلْعُنْفِ هَذِهِ لَهَا أَسْبَابهَا اَلْحَقِيقِيَّةِ وَلَمْ تَتَصَاعَدْ عَنْ صُدْفَة . .
توجد سِتَّةَ أَسْبَابٍ وَاقِعِيَّةٍ نَضَعُهَا بَيْنَ يَدَيْ اَلْأَسْرِ حَتَّى تَنْتَبِهَ لَهَا لتبادر الى مُعَالَجَة فَوْرِيَّةً لِتَلَافِي اَلْوُقُوعِ فِي مُوجِبَاتِهَا : –
أَوَّلاً : اَلْعَامِلُ اَلِاقْتِصَادِيُّ وَإِفْرَازَاتُهُ كَالْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ اَلْمُلِحَّةِ لِضَرُورِيَّاتِ اَلْعَيْشِ اَلْكَرِيمِ ؛ وَمَا يُفْرِزُهُ مِنْ اِنْعِكَاسَاتٍ نَفْسِيَّةٍ وَضَغْطٍ عَصَبِيٍّ عَلَى اَلزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَأَفْرَادُ اَلْأُسْرَةِ يُفْضِي إِلَى نُشُوبِ حَالَاتِ لَوْمٍ وَشَكْوَى وَجَدَلٍ تَصِلُ إِلَى نَوْبَاتٍ مِنْ اَلشِّجَارِ وَالزَّعَلْ فَإِنَّ اَلْفَقْرَ يَدْفَعُ إِلَى اِشْتِعَالِ اَلْأَزَمَاتِ اَلْأُسَرِيَّةِ وَخُصُوصًا حِينَمَا تُثَارُ اَلْأُمُورُ بِصُورَةٍ مُقَارَنَةِ بَيْنَ حَالِ اَلْأُسْرَةِ وَحَالِ اَلْأُسَرِ اَلْأُخْرَى مِنْ اَلْأَقْرِبَاءِ أَوْ اَلْمَعَارِفِ .
ثَانِيًا : سُوءُ اَلْبُعْدِ اَلْأَخْلَاقِيِّ كَالْخِيَانَةِ اَلزَّوْجِيَّةِ وَتَوَرُّطِ اَلزَّوْجِ أَوْ اَلزَّوْجَةِ فِي عَلَاقَاتٍ مَشْبُوهَةٍ وَمُحَرَّمَةٍ وَهَذَا مِنْ أَشْهُرِ اَلْأَسْبَابِ وَأَقْرَبَهَا إِلَى وَاقِعِ اَلْعُنْفِ اَلْأُسَرِيِّ فَإِنَّ دَوَافِعَ اَلْجَرِيمَةِ تَجْتَمِعُ فِي حَالِ عِلْمِ اَلزَّوْجِ بِأَنَّ زَوْجَتَهُ قَدْ وَقَعَتْ فِي وَحَلُّ اَلْخِيَانَةِ كَذَلِكَ اَلزَّوْجَةَ تَدْفَعُهَا شُكُوكُهَا اَلْمُفْرِطَةُ إِلَى اَلْإِضْرَارِ بِزَوْجِهَا وَرُبَّمَا اَلِانْتِقَامُ وَالتَّآمُرُ عَلَى تَصْفِيَتِهِ إِذَا اِكْتَشَفَتْ خِيَانَتُهُ لَهَا .
ثَالِثًا : اَلْعَامِلُ اَلْعَشَائِرِيُّ وَالْقِبْلِيُّ فِي تَنَمَّرَ اَلزَّوْجُ وَتَسَلُّطُهُ عَلَى زَوْجَتِهِ وَحَبْسُ أَنْفَاسِهَا وَعَدَمُ اَلسَّمَاحِ لَهَا بِأَنْ تَتَمَتَّعَ بِحُقُوقِهَا كَإِنْسَانٍ مُحْتَرَمٍ لَهُ خُصُوصِيَّاتِهِ اَلْمَشْرُوعَةِ وَعَلَاقَاتِهِ اَلْمُبَاحَةِ وَحِرْمَانِهَا مِنْ اَلتَّعْلِيمِ وَمُزَاوَلَةِ دَوْرِهَا فِي اَلْمَجَالَاتِ اَلِاجْتِمَاعِيَّةِ .
رَابِعًا : تَضَارُبُ اَلْإِرَادَاتِ وَالصِّرَاعِ عَلَى إِدَارَةِ اَلْحَيَاةِ اَلْأُسَرِيَّةِ وَالْأَطْفَالِ وَهَذَا اَلسَّبَبُ كَثِيرًا مَا يَنْشَبُ بَيْنَ اَلزَّوْجَيْنِ حِينَمَا يَكُونَا مُتَنَاقِضَيْنِ فِي اَلتَّوَجُّهَاتِ وَالْأَفْكَارِ وَالْمُيُولِ وَدَائِمًا تَنْتَهِي اَلْأُمُورُ إِلَى مَعَارِكَ ضَارِيَةٍ جِدًّا وَقَدْ تَحْدُثُ بَيْنَ اَلْأَبِ وَأَبْنَائِهِ أَيْضًا فِي عَدَمِ تَقَبُّلِهِمْ أُسْلُوبُهُ فِي اَلتَّرْبِيَةِ مِمَّا يَدْفَعُهُ إِلَى اِسْتِعْمَالِ اَلْعُنْفِ مَعَهُمْ أَوْ رُبَّمَا اَلْعَكْسُ .
خَامِسًا : اَلْقَوَانِينُ اَلْمَغْلُوطَةُ فِي اَلْبَلَدِ ؛ فَإِنَّ بَعْضَ اَلْبُلْدَانِ تُعْطِي سُلْطَةً غَيْرَ مُتَكَافِئَةٍ لِطَرَفٍ عَلَى حِسَابٍ آخَرَ أُمًّا لِلزَّوْجَةِ أَوْ اَلزَّوْجِ وَبِالتَّالِي يَدْفَعُ أَحَدُهُمْ إِلَى اَلتَّنْكِيلِ وَالِانْتِقَامِ مِنْ شَرِيكِهِ لِضَعْفِ مَوْقِفِهِ قَانُونِيًّا كَأَغْلَب حَالَات اَلطَّلَاقِ حَيْثُ يُجَرِّدُ اَلْأَبُ مِنْ حَقِّهِ فِي اَلْحَضَانَةِ وَبِالتَّالِي يَتَعَرَّضُ لِلْحَيْفِ وَالْأَضْرَارِ اَلنَّفْسِيَّةِ وَكَذَلِكَ اَلْأَبْنَاءِ مِنْ قَبْلُ طَرَفِ اَلْأُمِّ وَذَوِيهَا .
سَادِسًا : اَلتَّأَثُّرُ بِمَا تَنْشُرُهُ اَلْمُؤَسَّسَاتُ اَلثَّقَافِيَّةُ اَلْمُنْفَلِتَةُ مِنْ دُعَاةِ اَلتَّحَرُّرِ وَالْمسَاوَة مِمَّا هُوَ يُخَالِفُ اَلْقِيَمَ وَالْأَعْرَافَ وَبَعْضَ ثَوَابِتِ اَلشَّرِيعَةِ اَلْإِسْلَامِيَّةِ فَيَدْفَعُ بِبَعْضِ اَلزَّوْجَاتِ وَالْأَبْنَاءِ إِلَى اَلتَّمَرُّدِ عَلَى قِيَمِ وَعَادَاتِ اَلْأُسْرَةِ اَلْعَرَبِيَّةِ اَلْمُسْلِمَةِ وَبِالتَّالِي يَضْطَرُّ اَلْأَبُ اَلْمُلْتَزِمُ إِلَى اَلضَّغْطِ عَلَيْهِمْ عَنْ طَرِيقِ اَلْقُوَّةِ وَالتَّعْنِيفِ .