شرح حكم نهج البلاغة –  58

من كتاب شرح حكم نهج البلاغة للمؤلف الشيخ عباس القمي

**ربّ قول أنفذ من صول (1) -. [3]

أي قد يبلغ الإنسان بالقول ما لا يبلغه بالشدّة و الصولة، فيكون القول أنفذ في غرضه.

و من هذا قولهم: و القول ينفذ ما لا تنفذ الإبر. [4]

و روي مكان أنفذ، أشدّ. [5] و المعنى: ربّ قول يقوله الإنسان، فيكون ضرره عليه أشدّ من صولة عدوّه، أو ربّ قول يسمعه من غيره كقذف أو هجر مثلا يكون أشدّ عليه من صولة العدوّ و هذا كما قال القائل: [1]

جراحات السّنان لها التيام # و لا يلتام ما جرح اللسان‌

**الرّزق رزقان: طالب و مطلوب، فمن طلب الدّنيا طلبه الموت حتّى يخرجه عنها، و من طلب الآخرة طلبته الدّنيا حتّى يستوفي منها رزقه (1) -. [2]

هذا تحريض على طلب الآخرة، و وعد لمن طلبها بأنّه سيكفي طلب الدّنيا، و إنّ الدنيا ستطلبه حتّى يستوفي رزقه منها.

و قد قيل: مثل الدّنيا مثل ظلّك، كلّما طلبته بعد عنك، فإن أدبرت عنه تبعك. [3]

و لهذا قال عليه السلام-كما في الديوان المنسوب إليه:

«إنّما الدّنيا كظلّ زائل» .

[4]


[3] نهج البلاغة، الحكمة 394.

[4] شرح ابن أبي الحديد 19-359.

[5] شرح ابن ميثم 5-438.


[1] قال العلاّمة الشريف الأردكانيّ في جامع الشواهد، ص 119: «لم يسمّ قائله، و البيت من شواهد الجامي في النحو» .

و مثله قول الحمدوني:

و قد يرجى لجرح السيف برء # و لا برء لما جرح اللسان‌

[العقد الفريد 2-280]

[2] في نهج البلاغة، الحكمة 431: رزقه منها.

[3] شرح ابن أبي الحديد 20-76.

[4] البيت بتمامه:

إنّما الدّنيا كظلّ زائل # أو كضيف بات ليلا فارتحل ديوانه‌