رحلة في الآفاق – ج2

تحقيق وإعداد :الدكتورة مواهب الخطيب

ب.التفسير الموجز لرحلة الإسراء والمعراج
قبل الهجرة بسنة أُسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى ثم إلى السماوات
العلى، وقيل: قبل المبعث بخمس سنين، وقيل غير ذلك. واختلفوا في أي شهر وقع الإسراء والمعراج، فقيل: في شهر ربيع الأول، وقيل في شهر ربيع الآخر، وقيل: في شهر رجب،وقيل: في رمضان، وقيل في شوال( ) وتنقل القصة للحادثة بجزئياتها المطولة من كتبهم الروائية ( )،وهي احد معاجز النبي العظيمة التي تنطبق عليها كل شروط المعجزة من خرق للعادة مصاحبة لدعوى النبوة ( )
ج.القضايا العقدية المترتبة على حادثة الإسراء والمعراج
وقد احتوت رحلة الإسراء والمعراج على قضايا عقدية كثيرة منها:
1.حياة الأنبياء والمرسلين عليهم والسلام بعد وفاتهم، ورؤية
في معجزة الإسراء والمعراج دلالةٌ واضحةٌ على أنَّ الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام- أحياء بعد وفاتهم، فتُردُّ إليهم أرواحهم بعد ما قُبضوا، فهم أحياء كالشهداء بدليل رؤيتهم في رحلة الاسراء والمعراج( )
2.مسائلة رؤية الله من قبل النبي ومعنى الدنو والتدلي
أ.في مسائلة الرؤية
يجمع الشيعة على ان الرؤية قلبية بالبصيرة نوع من الشهود العرفاني دون الادراك البصري ذلك بان الروية البصرية تستلزم جسمانية الله وحده( )
بينما يوجد عند العامة اراء
لم يرى الله ،مجموعة من المحدثين والمتكلمين والفقهاء( )
.رآه بقلبه رآه بفؤاده رآه بعينه ،ثلاثة اقوال نقلها ابن عباس،كما واستدل القاضي عياض على ذلك بالاية 13 من سورة النجم{ما كذب الفؤاد ماراى} وقال: “إن الله تعالى اختص موسى بالكلام، وإبراهيم بالخلة، ومحمداً بالرؤية” ( ) وتبعهم الاشاعرة في ذلك
التوقف في المسألة واختاره القرطبي لأنه ليس فيها دليلٌ قاطعٌ،وغاية من استدل على إثبات أو نفي رؤيته النبي ربه في المعراج التمسّك بظواهر متعارضة معرضة للتأويل.
.الجمع بين القولين د ذكر الحافظ ابن حجر أنه يمكن الجمع بين إثبات ابن عباس ونفي عائشة ، بأنْ يُحمل نفيُها على رؤية البصر، وإثباتُه على رؤية القلب( )
ب.واما معنى الدنو
السنة : في الاية{ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى}النجم:8-9 فهو مقام معنوي وصل له النبي وسجد لله والقوسين كناية عما كانت تفعله العرب عند عقد معاهدة حماية او معاهد بخروجهما بقوسين( )
راي العلامة الطباطبائي
” ثم دنا فتدلى ” الدنو القرب، والتدلي التعلق بالشئ ويكنى به عن شدة القرب، وقيل: الامتداد إلى جهة السفل مأخوذ من الدلو.،والمعنى: على تقدير رجوع الضميرين لجبريل: ثم قرب جبريل فتعلق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ليعرج به إلى السماوات، وقيل: ثم تدلى جبريل من الأفق الاعلى فدنا من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليعرج به.والمعنى: على تقدير رجوع الضميرين إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ثم قرب النبي من الله سبحانه وزاد في القرب.( )
3.خلق النار والجنة
اثبات وجودهما من قول النبي في حديث المعراج: بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّة فاذا انا بنهرحَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ ، قُلْتُ : مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَال: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ ، فَإِذَا طِينُهُ أَوْ طِيبُهُ مِسْكٌ أَذْفر( ) في قبال الرأي القائل بعدم خلقهما الذي ذهب له بعضهم ( )
4. الإسراء والمعراج بالروح والجسد ترجيح الأقوال ودليله
أ.إنه كان بالروح، وإنه رؤيا منام؛ مع اتفاقهم على أن رؤيا الأنبياء حقٌّ ووحي والمشهور عنه خلافه ومما استدلوا به {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَة الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ }الإسراء:60.
ب. كان إلى المسجد الاقصى بالجسد ثُمَّ عرج منه بالروح فقط إلى السماء واحتجوا بقوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقصى}الإسراء: ١، فجعل {إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا} غاية الإسراء الذي وقع التعجب فيه بعظيم القدرة، والتمدح بتشريف النبي محمد صلى الله عليه وسلم به، وإظهار الكرامة له بالإسراء إليه؛ ولو كان الإسراء بجسده إلى زائد على المسجد الأقصى، لذكره، فيكون أبلغ في المدح
ج. أنه إسراء بالجسد والروح في القصة كلها وذهب اليه جملة من الصحابة ورجحه القاضي عياض ( ).
وذلك لادلة منها :انه لم يقل اسرى بروح عبده وان البراق يحمل أجسادا وانه لو كان منام لما كانت معجزة والقاعدة عدم العدول عن ظاهر النص القرآني وتاويله( )
د.راي الشيعة
بيد ان اجماع علماء آل البيت عليهم السلام قائم على ان العروج كان بالجسم و الروح كما يحكيه شيخ الطائفة الطوسي و الشيخ الطبرسي و العلامة المجلسي و آخرون( )
يناقش العلامة الطباطبائي رواية ابن إسحاق وابن جرير عن عائشة قالت: ما فقدت جسد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولكن الله اسرى بروحه.فيقولgt ويرد عليه ما ورد على سابقه على أنه يكفي في سقوط الرواية اتفاق كلمة الرواة وأرباب السير على أن الاسراء كان قبل الهجرة بزمان وانه صلى الله عليه وآله وسلم بنى بعائشة في المدينة بعد الهجرة بزمان لم يختلف في ذلك اثنان والآية أيضا صريحة في اسرائه صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام