هذب لسانك في مواقف الغضب

هذب-لسان-في-مواقف-الغضب.jpg

بقلم م.م حسن عبدالهادي رشيد – جامعة كربلاء – كلية العلوم الاسلامية

كَثيرَةٌ هِيَ اَلْمَواقِفُ المُفاجِئَةُ اَلَّتِي تُفْزِعُنا، أوقَدْ تَسْتَفِزُنا وَتُثِيرُ غَضَبَنا وأعصابَنا وَخُصُوصًا اَلَّتِي تَحْصُلُ بِصُورَةٍ فُجائيَّةٍ!

حِينَمَا تَكونُ فِي حَالِ قيادَةِ سَيّارَتِكَ وَفَجْأَةً تَتَوَقَّفُ أمامَكَ سَيّارَةُ أحَدِهِم دونَمَا إِشْعارٍ مِنْهُ عِبْرَ الإشَارَاتِ الضَّوْئيَّةِ اَوْ يُنَبِّهُكَ بأيِّ طَريقَةً أخْرَى تَجِدُ مَشاعِرَكَ قَدْ خَرَجَتْ الى الأمامِ مِنَ الفَزَعِ وَهَذَا يُفْقِدُكَ السَّيْطَرَةَ عَلَى أعْصَابِكَ!

-وَفِي الغالِبِ-البَعْضُ مِنَّا قَدْ لَا يَسْتَطيعُ إمساكَ لِسانِه فَيَتَلَفَّظُ بِأَلْفَاظٍ غَيْرِ لائِقَةٍ . . . كَالشَّتْمِ والسُّبابِ أوْ بَعْضِ الألفاظِ غَيْرِ المَنْطِقيَّةِ!

وَكَثيرَةٌ هِيَ اَلْمَواقِفُ اَلَّتِي تَسْتَنْفِرُ أعصابَ الإنسانِ وَتَسْتَفِزُهُ حَوادِثُ مُتَعَدِّدَةٌ وَتَدْفَعُهُ الى الانْدِفاعِ بِدُونِ وَعْيٍ الى إطلاقِ الكَلِماتِ غَيْرِ المَنْطِقيَّةِ وَغَيْرِ المُناسِبَةِ!

غَيْرَ أنَّ البَعْضَ مِنَ الجُهّالِ أَسيرُ لِسانِهِ كَمَا يَقُولُ الإمامُ الهَادِي –عليهِ السَّلام-، يَفْضَحُ باطِنَهُ فُحْشُ لِسانِهِ وَتُظْهِرُ حَقيقَةَ مَا يُخْفيهِ الكَلِماتُ غَيْرُ اللائِقَةِ اَلَّتِي تَتَفَلَّتُ مِنْ لِسانِهِ المُلَوَّثِ فِي تِلْكَ المَواقِفِ المُسْتَفِزَّةِ والْمُثيرَةِ للأعصابِ! يَقُولُ الإمامُ عَليٌّ -عَلَيْهِ السَّلامُ-: (المَرْءُ مَخْبوءٌ تَحْتَ لِسانِهِ فَإِذَا تَكَلَّمَ ظَهَرَ)

وَالبَعْضُ الآخَرُ مِنَ العُقَلاءِ لأنَّهُمْ عَقَلوا ألْسِنَتَهُمْ كَمَا يَقُولُ الإمامُ -عَلَيْهِ السَّلامُ -: (العاقِلُ مَنْ عَقَلَ لِسانَهُ)!

فَهُوَ يَتَحَكَّمُ بِأَلْفاظِهِ وَيُوَجِّهُ كَلامَهُ فِي مَا هُوَ مُناسِبٌ دونَمَا أنْ يَخْرُجَ مِنْ زُمْرَةِ العُقَلاءِ مِمَّا يَكْشِفُ عَنْ كَوْنِهِ حَكِيمًا وَكَريمًا فَمَن حَفِظَ لِسانَهُ أَكْرَمَ نَفْسَهُ، كَمَا يَقُولُ الإمامُ -عَلَيْهِ السَّلامُ-

فَيَنْبَغِي عَلَى الفَرْدِ المُؤْمِنِ أنْ يَجْتَهِدَ فِي مُراقَبَةِ نَفْسِهِ وَيُحْكِمَ السَّيْطَرَةَ عَلَى مَشاعِرِهِ وَعَواطِفِهِ وأعصابِهِ فِي المَواقِفِ المُثيرَةِ، فَإنَّهُ ” لَا يَسْتَقيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقيمَ قَلْبُهُ، وَلَا يَسْتَقيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقيمَ لِسانُهُ “ كَمَا جَاءَ فِي الحَديثِ الشَّريفِ.

فَإِنَّ تَصْفيَةَ القَلْبِ مِنْ أدغالِ الآثامِ، وَتَنْظيفَهُ مِنْ تَرَسُّباتِ اَلْوَساوِسِ، وَتَطْهيرَهُ مِنْ نَفْثَاتِ الشَّيْطانِ، يُصَيِّرُ الفَرْدَ الى مَلاكٍ يَمْشي عَلَى الأرْضِ، لَا تَميلُهُ المَواقِفُ والْعَواصِفُ مَهْما كَانَتْ.

يَقُولُ الإِمامُ الصّادِقُ -عَلَيْهِ السَّلامُ-: (مَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ إِذَا غَضِبَ، وَإِذَا رَغِبَ، وَإِذَا رَهِبَ، وَإِذَا اشْتَهَى ، حَرَّمَ اللَّهُ جَسَدَهُ عَلَى النّارِ)