من خطب الامام علي (ع)- خطبة27

نهج البلاغة

المصدر: خطب الإمام علي ( ع ) ( تحقيق صالح )

https://ablibrary.net/#/reading/booklist/3556/33

ومن خطبة له ( ع ) وقد قالها يستنهض بها الناس حين ورد خبر غزو الأنبار بجيش معاوية فلم ينهضوا . وفيها يذكر فضل الجهاد ، ويستنهض الناس ، ويذكر علمه بالحرب ، ويلقي عليهم التبعة لعدم طاعته
فضل الجهاد
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ – فَتَحَه اللَّه لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِه وهُوَ لِبَاسُ التَّقْوَى – ودِرْعُ اللَّه الْحَصِينَةُ وجُنَّتُه الْوَثِيقَةُ – فَمَنْ تَرَكَه رَغْبَةً عَنْه أَلْبَسَه اللَّه ثَوْبَ الذُّلِّ وشَمِلَه الْبَلَاءُ – ودُيِّثَ بِالصَّغَارِ والْقَمَاءَةِ – وضُرِبَ عَلَى قَلْبِه بِالإِسْهَابِ – وأُدِيلَ الْحَقُّ مِنْه بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ – وسِيمَ الْخَسْفَ ومُنِعَ النَّصَفَ –
استنهاض الناس
أَلَا وإِنِّي قَدْ دَعَوْتُكُمْ إِلَى قِتَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ – لَيْلًا ونَهَاراً وسِرّاً وإِعْلَاناً – وقُلْتُ لَكُمُ اغْزُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَغْزُوكُمْ – فَوَاللَّه مَا غُزِيَ قَوْمٌ قَطُّ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ إِلَّا ذَلُّوا – فَتَوَاكَلْتُمْ وتَخَاذَلْتُمْ – حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الْغَارَاتُ – ومُلِكَتْ عَلَيْكُمُ الأَوْطَانُ – وهَذَا أَخُو غَامِدٍ [ و ] قَدْ وَرَدَتْ خَيْلُه الأَنْبَارَ – وقَدْ قَتَلَ حَسَّانَ بْنَ حَسَّانَ الْبَكْرِيَّ – وأَزَالَ خَيْلَكُمْ عَنْ مَسَالِحِهَا – ولَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ – عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ والأُخْرَى الْمُعَاهِدَةِ – فَيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا وقُلُبَهَا وقَلَائِدَهَا ورُعُثَهَا – مَا تَمْتَنِعُ مِنْه إِلَّا بِالِاسْتِرْجَاعِ والِاسْتِرْحَامِ – ثُمَّ انْصَرَفُوا وَافِرِينَ – مَا نَالَ رَجُلًا مِنْهُمْ كَلْمٌ ولَا أُرِيقَ لَهُمْ دَمٌ – فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِنْ بَعْدِ هَذَا أَسَفاً – مَا كَانَ بِه مَلُوماً بَلْ كَانَ بِه عِنْدِي جَدِيراً – فَيَا عَجَباً عَجَباً واللَّه يُمِيتُ الْقَلْبَ ويَجْلِبُ الْهَمَّ – مِنَ اجْتِمَاعِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ عَلَى بَاطِلِهِمْ – وتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ – فَقُبْحاً لَكُمْ وتَرَحاً حِينَ صِرْتُمْ غَرَضاً يُرْمَى – يُغَارُ عَلَيْكُمْ ولَا تُغِيرُونَ – وتُغْزَوْنَ ولَا تَغْزُونَ ويُعْصَى اللَّه وتَرْضَوْنَ – فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي أَيَّامِ الْحَرِّ – قُلْتُمْ هَذِه حَمَارَّةُ الْقَيْظِ – أَمْهِلْنَا يُسَبَّخْ عَنَّا الْحَرُّ – وإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ – قُلْتُمْ هَذِه صَبَارَّةُ الْقُرِّ – أَمْهِلْنَا يَنْسَلِخْ عَنَّا الْبَرْدُ – كُلُّ هَذَا فِرَاراً مِنَ الْحَرِّ والْقُرِّ – فَإِذَا كُنْتُمْ مِنَ الْحَرِّ والْقُرِّ تَفِرُّونَ – فَأَنْتُمْ واللَّه مِنَ السَّيْفِ أَفَرُّ –
البرم بالناس
يَا أَشْبَاه الرِّجَالِ ولَا رِجَالَ – حُلُومُ الأَطْفَالِ وعُقُولُ رَبَّاتِ الْحِجَالِ – لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَرَكُمْ ولَمْ أَعْرِفْكُمْ مَعْرِفَةً – واللَّه جَرَّتْ نَدَماً وأَعْقَبَتْ سَدَماً – قَاتَلَكُمُ اللَّه لَقَدْ مَلأْتُمْ قَلْبِي قَيْحاً – وشَحَنْتُمْ صَدْرِي غَيْظاً – وجَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ التَّهْمَامِ أَنْفَاساً – وأَفْسَدْتُمْ عَلَيَّ رَأْيِي بِالْعِصْيَانِ والْخِذْلَانِ – حَتَّى لَقَدْ قَالَتْ قُرَيْشٌ – إِنَّ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ رَجُلٌ شُجَاعٌ – ولَكِنْ لَا عِلْمَ لَه بِالْحَرْبِ – لِلَّه أَبُوهُمْ – وهَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَشَدُّ لَهَا مِرَاساً وأَقْدَمُ فِيهَا مَقَاماً مِنِّي – لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا ومَا بَلَغْتُ الْعِشْرِينَ – وهَا أَنَا ذَا قَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى السِّتِّينَ – ولَكِنْ لَا رَأْيَ لِمَنْ لَا يُطَاعُ.