واحة عطرة من حياة الامام محمد الباقر  (عليه السلام )

لجنة إحياء الشعائر الإسلامية – كلية العلوم الاسلامية – جامعة كربلاء

هو الامام محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، المشهور بالإمام الباقر (57 – 114 هـ)وهو الإمام الخامس من أئمة اهل البيت عليهم السلام، أبوه الإمام علي بن الحسين السجاد (ع) زين العابدين . وأمّه فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى (ع)، فهو أول هاشمي ولد من أبوين هاشميين، وأول علوي ولد من علويين

ولد الإمام الباقر (ع) في المدينة في يوم الجمعة الموافق للأول من رجب سنة 57 هـ، وذهب البعض إلى أنّ ولادته كانت في الثالث من صفر من نفس السنة.

سمّاه جده رسول الله (ص) بمحمد، ولقّبه بالباقر قبل أن يولد بعشرات السنين، ورواية جابر بن عبد الله الأنصاري وغيرها من الروايات تشير إلى هذه الحقيقة. ومن أشهر ألقابه باقر العلوم لقّبه النبي (ص) بهذا اللقب قبل ولادته. ومن ألقابه أيضا الشاكر والهادي وأشهرها الباقر، وقد أشار النبیّ (ص) إلى هذا اللقب قائلاً: يبقر العلم بقراً.

 استمرت إمامته 19 سنة بعد والده الإمام السجاد (ع). وعاصر خمسة من حكام بني أمية، واستشهد في 7 ذي الحجة سنة 114 هـ، بأمر هشام بن عبد الملك، وقد شهد الإمام الباقر (ع) واقعة كربلاء وهو صغير.

يعتبر الإمام الباقر (ع) المؤسس للثورة العلمية الشيعية الكبرى ، وقد روي عنه (ع) روايات كثيرة في مجالات شتي كالفقه، والتوحيد، والسنة النبوية، وتفسير القرآن، والأخلاق، وقد بلغ عدد ما روى عنه محمد بن مسلم 30 ألف حديث، كما روى عنه جابر بن يزيد الجعفي 70 ألف حديث. فبدأت المعتقدات الشيعية تتبلور في فترة إمامته، وذلك في مختلف الفروع. وقالوا بأن عدد أصحابه وتلامذته يصل 462 شخصا.

كان ثمرة حركته العلمية الكبرى انها استمرت حتى بلغت ذروتها في إمامة ابنه الإمام الصادق (ع)، فقد حصل بعد ظهور الإمام الباقر تقدّم واسع في هذا الصعيد، وظهرت حركة علمية ثقافية جديرة بالإكبار في أوساط الشيعة كسرت حاجز التقية إلى حدّ ما، وأزالت حالة الانحسار الذي مني به الفكر الشيعي في دوائر خاصة، ففي ذلك الوقت بدأ الشيعة بتدوين علومهم الإسلامية كالفقه والتفسير والأخلاق و… لقد ردّ الإمام الباقر استدلال أصحاب القياس، كما اتّخذ موقفاً شديداً مقابل سائر الفرق الإسلامية المنحرفة كالغلاة والمرجئة ، وله مناظرات مع أصحاب الملل والفرق ورؤوسها، وحاول – جاهداً – بهذا الموقف أن يضع حدّاً فاصلاً بين عقائد أهل البيت الصحيحة في الأصعدة المختلفة، وبين عقائد سائر الفرق، فقد كان يقول عن الخوارج ما نصّه: «إن الخوارج ضيّقوا على أنفسهم بجهالتهم إن الدين أوسع من ذلك».

ينقل عن عبد الله بن عطاء المكي قال: “ما رأيت العلماء عند أحد قط أصغر منهم عند أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (ع)، وقد رأيت الحكم بن عيينة مع جلالته في القوم بين يديه كأنه صبي بين يدي معلّمه.”

لم تكن شهرة الإمام الباقر العلمية مقتصرة على أهل الحجاز، بل عمّت العراق وخراسان بشكل واسع، حيث يقول الراوي: رأيت أهل خراسان التفّوا حوله حلقات يسألونه عمّا أشكل عليهم.

للإمام الباقر سبعة أبناء خمسة ذكور وبنتان، وهم:

جعفر وعبد الله وأمهم أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر .

إبراهيم وعبيد الله وأمهم أم حكيم بنت أسيد الثقفي، وقد توفيا صغيرين.

علي وزينب وأم سلمة وأمهم أم ولد.

من كلماته المضيئة واحاديثه الشريفة :

قال الإمام أبو جعفر الباقر (ع) :”نحن ولاة أمر الله وخزائن علم الله وورثة وحي الله وحملة كتاب الله طاعتنا فريضة وحبنا إيمان وبغضنا كفر”.ويقول عليه السلام :”برأ الله ممن يبرأ منا لعن الله من لعننا أهلك الله من عادانا”.

 «إنّه ليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن، الآية يكون أولها في شيء وآخرها في شيء وهو كلام متصل ينصرف إلى وجوه»

«اعرف منازل الشيعة على قدر رواياتهم ومعرفتهم، فإنّ المعرفة هي الدراية للرواية، وبالدرايات للروايات‏ يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الإيمان»

«… أَ يَكْتَفِي مَنِ انْتَحَلَ التَّشَيُّعَ أَنْ يَقُولَ بِحُبِّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ! فَوَ اللَّهِ مَا شِيعَتُنَا إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَ أَطَاعَهُ. وَ مَا كَانُوا يُعْرَفُونَ يَا جَابِرُ إِلَّا بِالتَّوَاضُعِ ، وَ التَّخَشُّعِ ، وَ الْأَمَانَةِ ، وَ كَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ ، وَ الصَّوْمِ ، وَ الصَّلَاةِ ، وَ الْبِرِّ بِالْوَالِدَيْنِ ، وَ التَّعَاهُدِ لِلْجِيرَانِ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَ أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَ الْغَارِمِينَ وَ الْأَيْتَامِ ، وَ صِدْقِ الْحَدِيثِ ، وَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ ، وَ كَفِّ الْأَلْسُنِ عَنِ النَّاسِ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ ، وَ كَانُوا أُمَنَاءَ عَشَائِرِهِمْ فِي الْأَشْيَاءِ … »