من كتاب دروس في علم الاصول – الحلقة الثانية في سؤال وجواب
بقلم الدكتور ضرغام كريم الموسوي – جامعة كربلاء كلية العلوم الاسلامية
- ما معنى حجيّة القطع عند مشهور الأصوليين؟
ج: إنَّ الحجيّة لازم ذاتي([1]) للقطع , كما أنَّ الحرارة لازم ذاتي للنار ، فالقطع بذاته يستلزم الحجيّة والمنجزيّة ؛ ولأجل ذلك لا يمكن أنْ تلغى حجيّته ومنجزيّته في حال من الأحوال ، حتى من قِبل المولى نفسه ؛ لأنَّ لازم الشيء لا يمكن أنْ ينفك عنه ، وإنَّما الممكن للمولى أنْ يزيل القطع عن القاطع ، فيخرجه عن كونه قاطعاً بدلاً عن أنْ يفكك بين القطع والحجيّة . ويتلخص هذا الكلام في قضيتين :
إحداهما : إنَّ الحجيّة والمنجزيّة ثابتة للقطع ؛ لأنَّهما من لوازمه .
الأخرى : إنَّ الحجيّة يستحيل أنْ تنفك عن القطع ؛ لأنَّ اللازم لا ينفك عن الملزوم.
([1]) المراد من الذاتي في المقام هو الذاتي في باب الكليّات الخمسة (الإيساغوجي) وهو عبارة عن مقوّم الماهيَّة بحيث تثبت بثبوته وتنتفي بانتفائه. وبعبارة أُخرى: الذاتي من كل شيء ما يكون به قوامه بحيث يكون ذلك الذاتي هو حقيقة ذلك الشيء أو هو مع غيره حقيقة لذلك الشيء، ومثال ذلك الإنسان هو الحيوان الناطق، فالحيوان الناطق ذاتي للإنسان إذ هو المقوّم للإنسان بحيث إذا انتفت الحيوانية الناطقية انتفت إنسانيته فهو عين الإنسان وحقيقته. وقد يكون الذاتي جزء المقوّم لا تمام المقوّم مثل الحيوان بالنسبة للإنسان، وكذلك الناطق بالنسبة للإنسان، فالحيوانية والناطقية كلٌّ منهما يمثل الجزء المقوّم للإنسان ويكفي في انتفاء الإنسانية انتفاء الجزء المقوّم لها مثل الحيوانية. ظ: صنقور شرح الاصول 1: 55.