من كتاب شرح حكم نهج البلاغة للمؤلف الشيخ عباس القمي
زهدك في راغب فيك نقصان حظّ، و رغبتك في زاهد فيك ذلّ نفس (1) -. [1]
أي نقصان حظّ لك، لأنّه ليس من حقّ من رغب فيك أن تزهد فيه، لأنّ الإحسان لا يكافأ بالإساءة.
قال العبّاس بن الأحنف في نسيبه، و كان جيّد النسيب:
ما زلت أزهد في مودّة راغب # حتّى ابتليت برغبة في زاهد
هذا هو الداء الذي ضاقت به # حيل الطبيب و طال يأس العائد
يقول المؤلّف، العبّاس بن محمّد رضا القمّيّ (عني عنه) : و ما أشبه حالي بحال العبّاس!
[1] نهج البلاغة، الحكمة 451.
[2] شرح ابن أبي الحديد 20-101.
**سيّئة تسوءك خير[عند اللّه]من حسنة تعجبك (1) -. [1]
لأنّ السيئة الّتي تسوءه مستلزمة للندم و التوبة عليها، و التوبة ماح لها، مع أنّ التوبة و الرجوع إلى اللّه تعالى فضيلة ندب الشارع لها بخلاف الحسنة المستعقبة للعجب.
**السّخاء ما كان ابتداء، فإذا كان [2] عن مسألة فحياء و تذمّم (2) -. [3]
التذمّم : الاستنكاف. و السخاء عبارة عن ملكة بذل المال لمن يستحقّه بقدر ما ينبغي ابتداء عن طيب نفس، و حسن المواساة لذوي الحاجة منه، و بهذا الرسم يتبيّن أنّ ما كان عن مسألة فخارج عن رسم السخاء.
و ذكر عليه السلام له سببين: أحدها: الحياء من السائل، أو من الناس، فيتكلّف البذل لذلك.
الثاني: الاستنكاف ممّا يصدر من السائل من لجاج أو نسبته إلى البخل و نحوه.
و يعجبني في هذا المقام ذكر هذا الشعر:
ما اعتاض باذل وجهه بسؤاله # عوضا و لو نال الغنى بسؤال
و إذا النّوال إلى السؤال قرنته # رجح السؤال و خفّ كلّ نوال
[1] نهج البلاغة، الحكمة 46.
[2] في النهج: فأما ما كان.
[3] نهج البلاغة، الحكمة 53.