شرح حكم نهج البلاغة –  60

من كتاب شرح حكم نهج البلاغة للمؤلف الشيخ عباس القمي

زهدك في راغب فيك نقصان حظّ، و رغبتك في زاهد فيك ذلّ نفس (1) -. [1]

أي نقصان حظّ لك، لأنّه ليس من حقّ من رغب فيك أن تزهد فيه، لأنّ الإحسان لا يكافأ بالإساءة.

قال العبّاس بن الأحنف في نسيبه، و كان جيّد النسيب:

ما زلت أزهد في مودّة راغب # حتّى ابتليت برغبة في زاهد

هذا هو الداء الذي ضاقت به # حيل الطبيب و طال يأس العائد

[2]

يقول المؤلّف، العبّاس بن محمّد رضا القمّيّ (عني عنه) : و ما أشبه حالي بحال العبّاس!


[1] نهج البلاغة، الحكمة 451.

[2] شرح ابن أبي الحديد 20-101.


**سيّئة تسوءك خير[عند اللّه‌]من حسنة تعجبك (1) -. [1]

لأنّ السيئة الّتي تسوءه مستلزمة للندم و التوبة عليها، و التوبة ماح لها، مع أنّ التوبة و الرجوع إلى اللّه تعالى فضيلة ندب الشارع لها بخلاف الحسنة المستعقبة للعجب.

**السّخاء ما كان ابتداء، فإذا كان‌ [2] عن مسألة فحياء و تذمّم (2) -. [3]

التذمّم‌ : الاستنكاف. و السخاء عبارة عن ملكة بذل المال لمن يستحقّه بقدر ما ينبغي ابتداء عن طيب نفس، و حسن المواساة لذوي الحاجة منه، و بهذا الرسم يتبيّن أنّ ما كان عن مسألة فخارج عن رسم السخاء.

و ذكر عليه السلام له سببين: أحدها: الحياء من السائل، أو من الناس، فيتكلّف البذل لذلك.

الثاني: الاستنكاف ممّا يصدر من السائل من لجاج أو نسبته إلى البخل و نحوه.

و يعجبني في هذا المقام ذكر هذا الشعر:

ما اعتاض باذل وجهه بسؤاله # عوضا و لو نال الغنى بسؤال

و إذا النّوال إلى السؤال قرنته # رجح السؤال و خفّ كلّ نوال‌

[1]


[1] نهج البلاغة، الحكمة 46.

[2] في النهج: فأما ما كان.

[3] نهج البلاغة، الحكمة 53.