من كتاب شرح حكم نهج البلاغة للمؤلف الشيخ عباس القمي
علامة [1] الإيمان أن تؤثر الصّدق حيث يضرّك على الكذب حيث ينفعك، و أن لا يكون في حديثك فضل عن علمك [2] ، و أن تتّقي اللّه في حديث غيرك (1) -. [3]
ينبغي أن يكون هذا الحكم مقيّدا لا مطلقا، أي إذا كان الضرر غير عظيم، لأنّه إذا أضرّ الصدق ضررا عظيما يؤدّي إلى تلف النفس أو قطع العضو لم يجز فعله صريحا، و لزمت المعاريض حينئذ.
قوله عليه السلام: «و أن تتّقي اللّه في حديث غيرك» ، قيل: أراد به أن يحتاط في النقل و الرواية فيرويه كما سمعه من غير تحريف. [4]
*************
العين وكاء السّته (2) -. [5]
قال السيّد (ره) : و هذه من الاستعارات العجيبة، كأنّه شبّه الستة بالوعاء، و العين بالوكاء، فإذا أطلق الوكاء لم ينضبط الوعاء. و هذا القول في الأشهر الأظهر من كلام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و قد رواه قوم لأمير المؤمنين عليه السلام، و ذكر ذلك في المبرّد في الكتاب المقتضب في باب اللفظ المعروف. [1]
[1] ليست كلمة «علامة» في النهج.
[2] في النهج: عن عملك.
[3] نهج البلاغة، الحكمة 458.
[4] شرح ابن أبي الحديد 20-175.
[5] في نهج البلاغة، الحكمة 466: وكاء السه.
[1] في النهج: اللفظ بالحروف.
و قد تكلّمنا على هذه الاستعارة في كتابنا الموسوم بمجازات الآثار النبوية. [2] انتهى (1) -.
استعار عليه السلام لفظ الوكاء و هو رباط القربة للعين باعتبار حفظ الإنسان في يقظته لنفسه من أن يخرج منه ريح و نحوها كما يحفظ الوكاء ما يوكى به، و في ذلك ملاحظة تشبيه السته بالوعاء كالقربة.
و من تمام الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: فإذا نامت العينان استطلق الوكاء. [3]
[2] نهج البلاغة، ص 557.
[3] شرح ابن ميثم 5-462.