من كتاب دروس في علم الاصول – الحلقة الاولى في سؤال وجواب
بقلم الدكتور ضرغام كريم الموسوي – جامعة كربلاء كلية العلوم الاسلامية
- ما الآثار المترتبة على عدّ الإجتهاد الذي بمعنى الرأي الشخصي دليلاً من أدلة الفقيه ومصدراً من مصادره؟
ج: إنَّ عدّ الإجتهاد بمعنى الرأي الشخصي أدى إلى إلقاء ظلاله على الكلمة ، ونتج عن ذلك أن ذهب بعضهم الى نفي جواز عمليّة الاستنباط ، وأدى ذلك إلى شجب علم الأصول كله , لأنَّهُ إنَّما يراد لأجل الإجتهاد ، فإذا الغي الإجتهاد لم تعد حاجة إلى علم الأصول , فأصبحت كلمة الاستنباط مثاراً للإختلاف نتيجة لذلك الغموض والتشويش ، فإنَّ النزاع الذي وقع حول جواز عمليّة الاستنباط والضجة التي أثيرت ضدها لم يكن إلا نتيجة الفهم غير الدقيق للاصطلاح العلمي ، والغفلة عن التطورات التي مرت بها كلمة الإجتهاد في تاريخ العلم .
- لماذا لقي الإجتهاد الذي بمعنى ( الرأي الشخصي) معارضة شديدة من أئمة أهل البيت (؟
ج: إنَّ الإجتهاد الذي بمعنى ( الرأي الشخصي) لقي في الوقت نفسه معارضة شديدة من أئمة أهل البيت ( والفقهاء الذين ينتسبون إلى مدرستهم .
والدليل على ذلك الروايات المأثورة عن أئمة أهل البيت ( التي تذم الإجتهاد وتريد به ذلك المبدأ الفقهي الذي يتخذ من التفكير الشخصي مصدرا من مصادر الحكم ، فقد روي عن مَسْعَدَة بْنُ صَدَقَةَ قَالَ: قَالَ لِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ %: (مَنْ أَفْتَى النَّاسَ بِرَأْيِهِ فَقَدْ دَانَ بِمَا لَا يَعْلَمُ، وَ مَنْ دَانَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فَقَدْ ضَادَّ اللهَ حَيْثُ أَحَلَّ وَ حَرَّمَ فِيمَا لَا يَعْلَمُ)([1]).
وجاء عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, قَالَ: ( قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ %( يَعْنِي مُوسَى بْنَ جَعْفَر) بِمَا أُوَحِّدُ اللهَ؟ فَقَالَ: يَا يُونُسُ لَا تَكُونَنَّ مُبْتَدِعاً , مَنْ نَظَرَ بِرَأْيِهِ هَلَكَ , وَ مَنْ تَرَكَ أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّهِ ( ضَلَّ وَ مَنْ تَرَكَ كِتَابَ اللهِ وَ قَوْلَ نَبِيِّهِ – كَفَرَ)([2]).
وَ جاء عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ, عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَفَعَهُ, قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ % فِي كَلَامٍ ذَكَرَهُ : (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَمْ يَأْخُذْ دِينَهُ عَنْ رَأْيِهِ وَ لَكِنْ أَتَاهُ عَنْ رَبِّهِ فَأَخَذَ بِهِ)([3]).
وَجاء عَنْ أَبِي شَيْبَةَ الْخُرَاسَانِيِّ, قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ % يَقُولُ: ( إِنَّ أَصْحَابَ الْمَقَايِيسِ طَلَبُوا الْعِلْمَ بِالْمَقَايِيسِ فَلَمْ تَزِدْهُمُ الْمَقَايِيسُ مِنَ الْحَقِّ إِلَّا بُعْداً وَ إِنَّ دِينَ اللهِ لَا يُصَابُ بِالْمَقَايِيسِ)([4]). وغيرها من الروايات كثير.
([1])الحميري: عبد الله بن جعفر: قرب الإسناد : 12.